وضع قدميه على درجتين من السلم يفصلانه عن مقعده فى الحافلة التى يزينها شعار ناديه المفضل، نظر خلفه وجد الكاميرات تلاحق الجميع، الأمر يبدو وكأن هناك صخباً شديداً، أحاديث هنا وهناك، ولكنه يتعجب بينه وبين نفسه، لماذا لا يسمع شيئاً، لماذا لا يستطيع أن يميز ما يقال حوله، جلس على المقعد المخصص له، نظر من النافذة واستعاد الفترة القليلة التى قضاها مسئولاً داخل فريق الزمالك، النادى الذى يدين له بالفضل هو وعائلته، فهو من القلائل فى الكرة المصرية الذين يمتلكون جذوراً تمتد لعشرات السنوات منذ أن دخل جده الأكبر يحيى الحرية إمام من بوابة النادى، مروراً بالأسطورة الراحل والده حمادة إمام.
حازم إمام، صاحب الـ40 عاماً، الرجل الذى اتفق الجميع على حبه وتقديره، جماهير المنافسين قبل جماهير ناديه، لم يتمكن من تحقيق طموحاته مع الفريق فى فترة قصيرة لم تتجاوز الـ35 يوماً، ظل يراقب الطريق من النافذة، وهو صامت لا يتحدث، حازم إمام الملقب بـ«الإمبراطور»، صاحب الأحلام الكبيرة مع القافلة البيضاء، الذى تمنى أن يقدم الإضافة لناديه، ولكنه اصطدم بواقع مرير، لعدم توفر عوامل النجاح، ولوجود مناخ طارد لكل من هو مجتهد، ولكل من يسعى للعمل والارتقاء، فكانت فترة الـ35 يوماً، التى لم تكن أبداً كافية لكى يضع «إمام» بصمته بصحبة الجهاز الفنى الذى يقوده زميله وشريكه أحمد حسام «ميدو»، كان يعلم يقيناً أنه سيدفع الثمن عاجلاً وليس آجلاً، تجربة كهذه محكوم عليها بالفشل حتى قبل أن تبدأ، الجميع يحذرونه، ولكن وإن كان لكل فعل دوافع، فإن قبوله للمهمة له دافع واحد فقط، وهو حب ناديه، بأخلاق «الأباطرة» وافق، وبأخلاقهم أيضاً خرج صامتاً مهذباً، متمنياً التوفيق لمن سيخلفه، وضع مصلحة ناديه فوق كل شىء، فاستعاد أول ما سمع فى منزله، وهو طفل صغير، فتذكر أنه كان اسم النادى، وأول ما رأت عينه كان قميص ناديه، ولطالما حمل شارة القيادة على ذراعه، وهو يتقلد الشعار على صدره، فهو ابن النادى قلباً وقالباً، لحماً ودماً، ولا يمكنه ولو لحظة واحدة أن يفكر فى التراجع، أو حتى الندم على ما أقدم عليه، ولكنه إن لم يكن مساهماً فى الفشل، فعليه دفع الثمن، فالرجل الهادئ، صاحب الملامح المريحة، والصوت المنخفض، والأخلاق العالية، لا يمكنه أن يعمل هكذا، لا يمكنه أن يقدم الإضافة، والعقل يقول إنه لا يمكنه دفع الثمن، ولأنه حازم إمام، قبل أن يدفع الثمن، وأن يضحى من أجل ناديه، وأن يخرج رافعاً رأسه، يخرج مثلما يليق بـ«الإمبراطور».
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!