"شهيرة": لقّنت "أحمد زكى" الشهادتين فى غيبوبته

أزاحت الفنانة الكبيرة «شهيرة» الستار عن أسرار جديدة تخص حياة النجم الراحل أحمد زكى، مؤكدة أنها ما زالت تشعر بفراغ كبير فى حياتها بعد رحيله، لا سيما أنه كان صديق الصبا والشباب والكفاح، على حد قولها.

وقالت «شهيرة» لـ«الوطن»، إن علاقتها بالنجم الراحل امتدت إلى سنوات طويلة، وتحديداً منذ بداياته الفنية من قصر ثقافة الشرقية وحتى اللحظات الأخيرة من حياته، مضيفة أنها تعرّفت عليه أثناء مشاركته فى إحدى المسرحيات على خشبة قصر ثقافة الشرقية، وانبهرت حينها بأدائه التمثيلى.

أوضحت أنها عندما تبادلت معه أطراف الحديث، علمت منه أنه خريج أحد المعاهد الفنية، وتحديداً معهد الصنايع، فسألته والكلام على لسانها: ناوى تعمل إيه؟ فأجاب: «مش عارف»، لافتة إلى أنها فى ذلك التوقيت كانت قد تقدّمت بأوراقها للالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية، علماً بأن المعهد آنذاك كان يقبل طلبة المعاهد الفنية، إلى جانب حملة شهادة الثانوية العامة، فعرضت عليه فكرة الالتحاق بالمعهد ووافق عليها.

وتابعت: اصطحبت «أحمد» إلى القاهرة لأول مرة فى حياته، وبحثت له عن مسكن يقيم فيه، لحين قدوم موعد تقديمه لأوراقه وإجراء اختبارات القبول المتمثلة فى تقديم مشاهد مسرحية باللغة العربية الفصحى واللهجة العامية، فاستضافه الممثل الراحل وفيق فهمى فى منزله، وطلبت من المخرج فهمى الخولى أن يساعده فى تحضير المشاهد المشار إليها سلفاً، وتجاوزنا الاختبارات وتم قبولنا بالمعهد، من دون وساطة.

وأردفت: توطدت علاقتنا أثناء فترة الدراسة، وبدأنا نرسم أحلامنا الفنية سوياً، وأصبح كل منا على علم بأدق تفاصيل حياة الآخر، وأستطيع أن أقول إننى احتضنته فى هذه المرحلة رغم أنه يكبرنى سناً، ولذلك كان دائماً يقول: «يا بختى.. أمى أصغر منى»، إذ كان يعتبرنى بمثابة والدته، لاهتمامى الشديد بشئونه.

وأكدت «شهيرة» أنه فور علمه بأنها ارتبطت عاطفياً بالفنان محمود ياسين ذهب إليه بالمسرح القومى من دون إخبارها، وقال له: «لو أنت مش ماشى جد قولى عشان أبقى عارف»، وذلك من فرط خوفه عليها، على حد قولها، مضيفة أن «زكى» حكى لها عن مدى إعجابه بالفنانة الراحلة هالة فؤاد، وعندما تزوّج منها وقفت إلى جواره فى ليلة زفافه، وأصبح يستشيرها فى شئونه العاطفية.

وأشارت «شهيرة» إلى أنها لا تنسى تفاصيل مكالمته لها عند تقديمه أول مشهد مع الراحلة سعاد حسنى فى فيلم «دعوة على العشاء»، حيث حمل صوته مشاعر الفرحة، وقال لها: «أنا مثلت مع سعاد حسنى»، وكان سعيداً بهذه الخطوة، لأنها ضاعت منه فى فيلم «الكرنك»، بعد أن ذهب دوره إلى ممثل آخر.وأوضحت أن أحمد زكى كان يُرسل لها شرائط الفيديو الخاصة بأفلامه، وكان يحدّثها قائلاً: «شفتى الفيلم الفلانى؟» فتجيبه بالنفى، فيرد عليها قائلاً: «هبعتلك الشريط دلوقتى وهكلمك كمان ساعتين أعرف رأيك»، حيث كان شخصاً عاشقاً لمهنته إلى أبعد الحدود.

وكشفت «شهيرة» عن أنها كادت تتعاون فنياً مع الفنان الراحل فى 3 أفلام، لكن رغبتها فى العمل مع صديق كفاحها تحطمت أمام العديد من العقبات، موضحة إياها بقولها: «(أحمد) كان شخصاً صعباً فى عمله، وكدنا نتعاون فى فيلمين هما (وصمة عار) و(الخونة)، وكلاهما كان من إخراج أشرف فهمى، لكنهما اختلفا فى رؤيتهما الفنية، مما دفع أحمد زكى للاعتذار، وتم الاستعانة بعدها بالفنان نور الشريف».

وأضافت: تلقيت بعدها عرضاً من «أحمد» للوقوف أمامه فى أحد الأفلام، لا داعى لذكر اسمه، ورغم إعجابى بقصة ومضمون الفيلم، لكنى لم أحب دورى، ونقلت إليه وجهة نظرى، ونشبت خناقة بيننا، بحكم أنه كان يرغب فى وجودى معه بهذا العمل.

وعن أبرز المواقف التى جمعتهما معاً ردت «شهيرة»، قائلة: كنت أستعد لأداء فريضة الحج فى إحدى السنوات، وعرضت عليه السفر معى لأداء الفريضة، فوافق بشرط ألا أتركه بمفرده هناك، حيث أظل موجودة إلى جانبه، أثناء الطواف حول الكعبة وباقى المناسك، وكانت رحلة غاية فى الجمال، وتهللت أسارير «أحمد» بسببها.

وأعلنت «شهيرة» أن الفنان الراحل انزعج بشدة عندما سألته قبل وفاته بست سنوات: «هو أنت عندك قبر؟»، لكنها امتصت انفعاله وأخبرته أن الإنسان مهما طال عمره سيظل قبره هو مثواه الأخير، فكلفنى بالبحث عن مدفن، شرط أن يكون بجوار مقابرنا، لكنى لم أوفق فى تحقيق مطلبه، فقال لى وقتها: «خلاص لما أموت ابقوا ادفنونى عندكم»، فانفجرت ضاحكة وقلت له: «يا نهار أسود.. هو أنت هتبقى معايا دنيا وآخرة».

وتابعت: قصصت ما حدث على مسامع الأستاذ سيد فرغلى، الصحفى بمؤسسة دار الهلال، فأخبرنى أنه مستعد للتنازل عن مدفنه الذى تنطبق عليه رغبة أحمد زكى من حيث المكان، وبالفعل اشتراه الأخير ودُفن فيه بعد وفاته.

وأكدت «شهيرة» أن أحمد زكى أصيب بالعمى قبل وفاته بشهرين، لكنه أخفى هذا الخبر عمن حوله، إذ إنها علمت بأمره من طبيبه المعالج، مضيفة: أتذكر أننى أطلقت صرخة مدوية وقتها وهدّأ الطبيب من روعى، والغريب أن «أحمد» كان يتعامل معى على أنه مبصر، لكنه ألمح بشكل غير مباشر عن إصابته بالعمى، عندما قال لى: «أنا عملت طه حسين قبل كده، ودلوقتى أنا متقمص دوره».

وفجرت «شهيرة» مفاجأة تمثلت فى رغبة الفنان الراحل فى أداء مناسك العمرة معها قبل وفاته بشهرين، وعندما أبدت تردّدها أمامه فى تنفيذ رغبته حرصاً على سلامته، أخبرها أنه سيصطحب معه مرافقاً وطبيبه المعالج، لكنها عندما سألت الأخير عن موقفه من هذه الخطوة رفض بشكل قاطع فكرة سفر أحمد زكى لأداء العمرة، لكنها لم تبلغ الفنان الراحل برأى الطبيب، تاركة إياه لظنونه التى أوهمته أنها لا ترغب فى سفره معها، مضيفة بقولها: «علمت أنه شكانى حينها لعدد من أصدقائه المقربين»، لكنى أديت عمرة له بعد وفاته ووهبت ثوابها إليه.

وأوضحت أنها كانت موجودة معه فى محنة مرضه بالمستشفى، مشيرة إلى أنه وجدته شخصاً قوياً وصلباً خلال هذه الفترة، لافتة إلى أنه عندما دخل فى غيبوبة قبل وفاته بأيام، كانت تحرص على قراءة القرآن له داخل غرفته، وقامت بتلقينه الشهادتين أثناء غيبوبته، لعل وعسى يكون مستمعاً إليها، على حد قولها.

وأوضحت «شهيرة» أن الفنان الراحل كان شخصاً خيّراً وباراً بأهله فى الشرقية، إذ كان يرسل إليهم أموالاً نقدية مع بداية كل شهر، كما أنه كان سريع الاستجابة فى تلبية الأعمال الخيرية، وعندما كنت أحدّثه بخصوص جمع تبرّعات لإحدى الحالات الإنسانية كان يلبّى النداء دون تردّد.

واختتمت «شهيرة» حديثها عن الفنان الراحل، قائلة: هناك أناس فى حياة كل شخص عندما نفتقدهم نشعر بشىء منقوص فى حياتنا، وهذا ما ينتابنى منذ وفاة أحمد زكى، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

المصدر: الوطن