الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

اخبار النجوم والفناخبار الفن و الفنانين › دعوا فيروز تغنّ.. إنها آخر أسطورة حية!

صورة الخبر: فيروز
فيروز

في كل مرة يفاجئنا زمننا الرديء بأنباء تكرّس مزيدا من التمييع المنظم والطعن المفرط في ما بقي من علامات الإشراق بيننا، وتهميش مبيّت لكل ما يمكن أن يساعدنا على التوثّب إلى الأمام حين تحين الفرصة، ورغم أن الفواجع لا تحصى وتنزل علينا كيفما اتفق، إلا أن بعضها يثير الريبة والشك ويطرح أكثر من نقطة استفهام قد لا يجد معها أشطر المنجمين براعة وقدرة على فك طلاسمها.

من هذه النوازل ما يجري لسيدة الغناء العربي الأخيرة فيروز، وهي أسطورة حية ما زالت تمشي على أرضنا العقيم، هذه المطربة الكبيرة تلقت إنذارا من ورثة منصور الرحباني، يمنعها من عرض أية مسرحية للرحابنة قبل أخذ موافقة الورثة.. في الظاهر يبدو مثل هذا الخبر قضيّة عادية بين ورثة ملحّن ومطربة؛ لكن حين تكون هذه المطربة هي السيدة فيروز وهذا الملحّن هو الراحل منصور الرحباني فإن القضية تأخذ منحى آخر، وتخرج من إطارها العائلي واللبناني لتتّخذ بعدا عربيّا، ويتبنّاها كلّ عشاق ذلك الصوت الملائكي العذب.

الحكاية أن أبناء ورثة منصور الرحباني رفعوا دعوى ضد فيروز وإدارة "كازينو لبنان" تمنع إعادة تقديم مسرحية "يعيش يعيش"، وتقديم 25 عملا للراحل منصور الرحباني؛ ومن بين هذه الأعمال المحجور عليها مسرحيات "لولو"، و"موسم العز"، و"صح النوم". والغاية من ذلك حصول ورثة منصور الرحباني على حقوقهم المادية من السيدة فيروز مقابل أدائها تلك الأعمال في أي مكان في العالم.

طبيعي أن يكون من حقّ ورثة أي فنان وأي شخص، أن يطالبوا بمستحقّاتهم في تركة والدهم، لكن حين تكون الجهة المقابلة أرزة جذورها تضرب في عمق الأرض اللبنانية وفروعها تمتدّ إلى كلّ الوطن العربي، فإن الوضع يختلف؛ وتصبح قضيّة "الحجر" التي رفعها أبناء الرحباني على أغاني فيروز التي لحّنها منصور، منعا لعلم لبنان من أن يرفرف عاليا.

وإذا كان أولاد منصور يطالبون بحقوقهم المادية فنحن جميعا من محيط العالم العربي إلى خليجه أيضا "ورثة" معهم ولنا حقّ في صوت فيروز وابداعات الرحابنة، كما نطالب بأن لا يكون الزمان وأبناء منصور علينا؟، فيكفي ما نعانيه من حرمان من الإبداع الخلاق وما نعانيه من تردّ في الذوق وترهّل في الأغنية والمسرح وكل شيء..

فيروز هذه القامة الشامخة تعتبر "وقفا فنيا" وخطا ثقافيا أحمر لا يجب تجاوزه.. وحين "يحجر" على صوتها من أين سنستمد الدفئ لبرد صباحاتنا الحزينة؟ وبأي صوت سيعبّر العرب عن قهرهم واحباطهم؛ الصوت الخالد الذي عبّر، بكل ما وهبه الله من حلاوة وجمال، عن كافة القضايا العربية وعن آلامنا مثلما كان جليس كلّ عاشقين ومرسال غرام بينهما.

لا يجوز لفيروز، التي غنّت للحرية، للقدس، للضمير والكرامة والغضب والوطن ورفضت الغناء للملوك والسلاطين والحكّام، حسب أبناء منصور الرحباني، أن تُطرب شعبها العربي ولا يجوز لها أن تهتف لهم بـ"يعيش يعيش".
هذا الأمر أغضب الآلاف من عشّاق فيروز فهبّوا للوقوف إلى جانبها؛ في ردّة فعل إن كشفت مدى حبّ الجماهير العربية لفيروز، فإنها تكشف أيضا حالة من الخوف من فقدان ما بقي للعرب من "مقدّسات"، بعد أن نهبت ثرواتهم واحتلّت أرضهم وانتهك تاريخهم وتاهوا في واقع ثقافي لم يعد يسعفهم حتى بأغنية جميلة تنسيهم همومهم اليومية.

ليحتفظ أبناء منصور بتركة والدهم، فحتى لو خسرت فيروز قضيّتها ومنعت من أداء الـ25 مسرحية موضوع النزاع فإنّ لها كنوزا غنائية أخرى.. سماؤها زاخرة بـ"يا جارة الوادي"، و"خايف أقول اللي في قلبي" لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وبرائعة "أعطني الناي" لنجيب حنكش، و"يا طيارة طيري" و"يا دارة دوري فينا"، ويا مرسال المراسيل "جايب لي سلام" "من عز النوم" و"ليليه بترجع ياليل" للرائع فيلمون وهبي.. وسيبقى "الفيروزيون" على عهدهم لقديستهم.

ملايين الشباب العربي، لم يحالفهم الحظ ليشاهدوا فيروز في أوجها على مسارح بعلبك وقرطاج وجرش وهي تهتف "بحبك يا لبنان"، ولكنّهم تربّوا على أن شمس الصباح الجديد لا تبزغ إلا مع صوتها؛ هذا الشباب المتّّهم بالاستهتار وبإفساد الذوق العام سخّر "الفايسبوك" و"تويتر" ومختلف منتديات الشبكة العنكبوتية مردّدين صوتا واحدا "اليوم اللي بيعتق يا وطني الغيم رح نبقى سوا".

ومثلما غنّت فيروز للشام فإن أهل الشام لم يخذلوها بدورهم وأطلقوا حملة تضامنية أقامتها إذاعة "شام أف أم" السورية سمّتها "فيروز في القلب"، وفي مصر، التي تغنّت بشمسها الذهبية، قرّرت مجموعة من المثقفين المصريين تنظيم وقفة احتجاجية تضامنا مع الفنانة الكبيرة ضد قرار منعها من الغناء، وذلك في الموعد المقرر فيه اعتصام سلمي صامت في العاصمة اللبنانية بيروت .

في هذا الاعتصام لن يعلو صوت إلاّ صوت فيروز على المكبّرات، وفي حضور حشد من الفنانين والصحافيين والمواطنين.. وسينقل أثير راديو "مونت كارلو" وإذاعة "شام أف أم" أجواء الاحتجاج على تكميم صوت فيروز في زمن "الواو" و"الخرونج".

مثل هذه المواقف تكشف أن فيروز لم تعد ملكا للبنانيين وحدهم، بل هي ملك الملايين، ملك أبناء القدس العتيق يشحذ صوتها هممهم، حين يصيبها اليأس والقنوط، وهي تصرخ لزهرة المدائن بأن الغضب العربي قادم وتعدهم بأننا سنرجع يوما..

ومثلما كان صوت "جارة القمر" في أزمات الأمة المتكرّرة، وفي أتراحها قبل أفراحها، يمسح الجراح، نجحت اليوم فيما فشلت فيه السياسة في أن توحّد أصوات ملايين العرب وأن تجمعهم على رأي واحد وموقف واحد؛ ملايين العرب الذين أعادت إليهم قضية فيروز والرحابنة ألم سنين طويلة من النكبات والأحزان، سنين فقدوا فيها الكثير وهم صامتون؛ اليوم هتفوا، دعوا فيروز تغنّ.. إنها آخر أسطورة حية وآخر من تبقى من عهد الكرامة!.

المصدر: عرب نت 5

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على دعوا فيروز تغنّ.. إنها آخر أسطورة حية!

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
6534

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة