الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

الاخبارالاخبار العربية والعالمية › تحليل إخبارى جنوب السودان .. ٤ سنوات من الخيارات الصعبة

صورة الخبر: السودان
السودان

يقف جنوب السودان فى الذكرى الرابعة لاستقلاله فى منعطف خطير أو قل على شفا هاوية، فى ظل استمرار الصراع الذى اندلع فى ديسمبر عام ٢٠١٣، وكانت له نتائج كارثية على مجمل أوضاعه، ويخشى أن يؤدى إلى كثير من الإشكاليات والتعقيدات فى ظل وضع هش بالجنوب والمنطقة كلها، مع استمرار القتال وتعقد المفاوضات التى لم تستطع التوصل لوقف إطلاق نار حتى الآن
رغم الضغوط الإقليمية والدولية على الطرفين لإنهاء الحرب، التى ارتكبت خلالها عمليات قتل وانتقام وحشية اتخذت طابعا عرقيا لاسيما بين قبيلتى الدينكا التى ينتمى إليها رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت والنوير التى ينتمى إليها نائبه السابق الدكتور رياك مشار، مما أدى لمقتل الآلاف وتشرد ومعاناة مئات الآلاف، أصبحوا معرضين لخطر المجاعة والأمراض الفتاكة والموت، وكأن الموت والقتل والتشرد هو قدر جنوب السودان ومواطنيه الذين عانوا ويلات حرب أهلية امتدت لأكثر من خمسين عاما، ثم صوتوا بأغلبية ساحقة على خيار الانفصال، ومايجرى اليوم هو أمر مرير بالنسبة لمواطنى الجنوب الذين فروا من الدولة الأم السودان طلبا للحرية والعدالة والعيش الكريم وهربا من التهميش والمظالم والصراعات والفساد، فإذا بهم أمام دولة تعيد إنتاج ما هربوا منه.

وللفشل فى الجنوب أسباب عديدة موضوعية، منها العامل الداخلى المتعلق بالفساد والعجز عن إدارة الدولة وعدم إطلاق مصالحة واسعة، وقد ساهمت كل النخب الجنوبية بقدر فى هذا الفشل، كما يتحمل المجتمع الدولى جزءا كبيرا منه بالتخلى عن مسئولياته تجاه الدولة الوليدة وعدم الوفاء بتعهداته حيالها وعدم مساهمته بالقدر الكافى فى تأهيل الجيش والشرطة وبناء القدرات والبنى التحتية، كما كان للعلاقة المتوترة مع الخرطوم دور كبير فى تأزيم الوضع فى الجنوب.

ولايبدو رغم كل المعارك الدائرة أن الصراع قد حسم تماما، ولايبدو أن أحد الطرفين قادر على حسم الصراع لصالحه، وفى حال عدم التوصل إلى تفاهمات بين هذه القيادات، فإن استمرار الصراع بينهما قد يكون عملا انتحاريا مدمرا للطرفين معا، بل وللجنوب كله، حيث تتداخل فى هذا الصراع العوامل العسكرية والسياسية والقبلية، فى ظل واقع إقليمى ودولى معقد، وهناك أصوات فى المجتمع الدولى بدأت تشير إلى ضرورة وضع دولة الجنوب تحت الوصاية الدولية، كما أن هناك مخاوف من عواقب تدخل أطراف إقليمية مصالحها متعارضة، بما يعنى أن يتحول الجنوب إلى ساحة للصراعات الإقليمية .

و الصراع الدائر الآن تغيب عنه قضية التنمية ومكافحة الفساد وقضايا المواطن الجنوبى الحقيقية لتحسين سبل العيش. وتتحمل القيادات والنخب الجنوبية المسئولية عما آلت إليه أوضاع الجنوب ليس فقط بصراعها الأخير ، وإنما بفشلها فى وضع أسس لبناء دولة وطنية يستطيع أن يتعايش فيها كل أبناء الجنوب بمختلف أعراقهم وقبائلهم وثقافاتهم وأديانهم، وانشغالهم بدلا عن ذلك بالصراع على السلطة والثروة، بينما ظلت الغالبية العظمى من ابناء الجنوب تعانى. فى وقت ظلت الوساطات والضغوط الدولية عاجزة، والأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة مسئولة إلى حد كبير عما يجرى بالجنوب، وقد كانت تعتبر انفصاله أو استقلاله قصة نجاحها. وسيبقى أى اتفاق سلام فى الجنوب هشا ومؤقتا ومعرضا للانهيار ، مالم يكن هناك عمل جاد لبناء مؤسسات الدولة فى الجنوب على أساس وطنى وليس قبليا، وهذا الأمر يحتاج إلى قيادات ونخب تغلب مصلحة الوطن على مصالحها الشخصية .

ويمثل جنوب السودان أهمية استثنائية بالنسبة لمصر والعالم العربى، ليس فقط لما يمثله من أمل فى زيادة حصة مصر المائية أوبما يملكه من فرص وإمكانات واعدة، أو لما يمثله من عمق أمنى واستراتيجى، أو لعلاقاتنا التاريخية معه الضاربة فى جذور التاريخ، وليس فقط لأنه أرض التلاقى والتواصل العربى الإفريقى، وإنما لكل هذه العوامل مجتمعة وغيرها، وقد عبر الكاتب الكبير الراحل أحمد بها الدين عن ذلك منذ وقت مبكر بقوله" إذا ضاع جنوب السودان فعلى العرب السلام" .

وفى الاحتفال بالذكرى الرابعة لاستقلال جنوب السودان الذى يشارك فيه عدد كبير من الأشقاء ومن بينهم مصر، يعاد التأكيد من جديد على أنه سيظل جزءا من العالم العربى، وأنه بانفصاله عام 2011 عن السودان الأم لم ولن ينفصل عن هذه المنطقة أو يرحل بعيدا عنها، وأنه سيظل واجبا على الدول العربية وفى مقدمتها مصر تجاه الجنوب الذى لم تبذل جهود عربية حقيقية من أجل حل مشكلاته واستيعابه فى إطار السودان الموحد. إن علاقاتنا الحالية مع الجنوب رغم المساعى الكبيرة لتوطيدها لاتتناسب مع حجم الروابط معه ولا مع حجم الفرص والإمكانات الواعدة للتعاون والتكامل، والتى يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة لتطويرها، وأن يكون لها أولوية قصوى فى جميع المجالات. لأن استقرار مصر والمنطقة لن يتحقق باستمرار الصراع والحرب فى جنوب السودان . وقد استقبلت مصر مؤخرا وفودا جنوبية، وبذلت من قبل جهودا كبيرة لدعم استقرار وسلام الجنوب. ويجب أن تتواصل جهودها اليوم مهما كانت انشغالاتها أو أعباؤها الداخلية من أجل أولا وقف الحرب وتحقيق الاستقرار والسلام والمصالحة فى الجنوب ومساعدته إنسانيا، ثم ثانيا من أجل دعم التنمية وإعادة إعماره وتوطيد العلاقات معه فى جميع المجالات، وثالثا من أجل تحقيق السلام والاستقرار بين دولتى السودان، ورابعا من أجل إلقاء الضوء على أوضاعه وتصحيح صورته المشوهة فى العالم العربى بفعل عوامل عديدة

المصدر: الاهرام

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على تحليل إخبارى جنوب السودان .. ٤ سنوات من الخيارات الصعبة

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
62379

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
استطلاع رأي طريق الأخبار
أرشيف استطلاعات الرأي

استطلاع رأي طريق الاخبار

أهم توقعاتك لمستقبل مصر بعد تنصيب السيسي؟

إظهار النتائج

نتائج استطلاع رأي طريق الاخبار لا تعبر عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي المشاركين في الاستطلاع

إرسل إلى صديق
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث الاخبار العربية والعالمية