البيروقراطية ثمن الأمانة في موسوعة ويكيبيديا

ظهرت موسوعة ويكيبيديا الالكترونية التي يكتبها مستخدمو الشبكة انفسهم في عام 2001.

ومنذ بداية ظهورها توسعت ويكيبيديا ، مثلها مثل كل شيء على الشبكة. والى ما قبل عامين كانت الموسوعة تضيف نحو 2200 مادة الى المشروع كل يوم.

وتقول مجلة "تايم" الاميريكية ان النسخة الانكليزية من الموسوعة تخطت حاجز المليوني موضوع في ايلول/سبتمبر عام 2007 ثم حاجز الثلاثة ملايين في آب/اغسطس هذا العام متجاوزة موسوعة يونغل Yongle الصينية التي انطلقت منذ 600 سنة بوصفها أكبر حشد من المعلومات العامة يُجمع في التاريخ (هذا على الأقل ما تقوله موسوعة ويكيبيديا نفسها).

ولكن ابتداءً من مطالع 2007 حدث أمر غريب. فقد توقفت الموسوعة عن النمو وأصبح الأشخاص يحجمون عن إعداد مواد جديدة أو تصويب أخطاء أو اضافة ما لديهم من معارف الى الصفحات الموجودة. ويقول عالم الكومبيوتر ايد تشي من مركز بالو التو للابحاث في ولاية كاليفورنيا حيث درس مختبره موسوعة ويكيبيديا دراسة مستفيضة ، ان الباحثين عندما لاحظوا توقف الموسوعة عن النمو ظنوا ان خطأ تقنيا كان السبب. ولكن ويكيبيديا بلغت ذروتها في آذار/مارس 2007 بنحو 820 ألف مساهم ، ولم يعرف موقعها مثل هذا العدد من المحررين منذ ذلك اليوم. وشهد الموقع عددا مماثلا من المحررين خلال الفترة الممتدة منذ ذلك التاريخ. ويضيف تشي ان الباحثين في مركزه أدركوا ان ما حدث ظاهرة حقيقية وان ويكيبيديا لم تعد تنمو بمتوالية هندسية بل ان شيئا يختلف اختلافا كبيرا يحدث الآن.

ما الذي عطل نمو ويكيبيديا؟ وما هي دلالات ركودها لبقاء مثل هذه التجارب الالكترونية الغريبة والقيمة على المدى البعيد؟ قد يعني هذا ان للشبكة حدودا على الضد مما كان يُعتقد ، لا سيما حين يتعلق الأمر بما يُسمى ازدحام المصادر. في غضون ذلك انطلقت عملية مراجعة ذاتية بدأها المتطوعون الذين يديرون الموقع ، وخاصة ما يقرب من 1000 محرر هم اصحاب الكلمة الحاسمة في تحديد ما يراه المستخدم.

تلاحظ مجلة "تايم" ان ويكيبيديا لا تتباطأ فحسب بل ان احصاءات جديدة تشير الى ان المشاركين الأساسيين شريحة متجانسة الى حد بعيد على النقيض مما تطمح اليه ويكيبيديا وتعتبره غايتها الأسمى. فالنساء مثلا يشكلن 13 في المئة فقط من المساهمين وان مؤتمر المشروع السنوي الذي عقد في العاصمة الارجنتينية بوينس ايريس هذا الصيف كان حافلا بالنقاشات حول أعداد المشاركين وسبل استقطاب فئة أوسع منهم.

في الوقت نفسه يسعى المتطوعون العاملون في الموسوعة الى تحسين مصداقيتها وجدارتها بالثقة التي تضررت ببعض المواد الكاذبة التي أُدخلت بهدف التشهير والافتراء. وتقول مجلة "تايم" ان من ابرز هذه المواد الكاذبة مادة تتعلق بالصحفي جون سايغنتالر الذي اوردت ويكيبيديا فقرة كاذبة عنه تقول انه كان احد المشتبه بهم في اغتيال الرئيس الاميركي جون كندي وشقيقه روبرت كندي.أجرى القائمون على الموسوعة تغييرا كبيرا في الآونة الأخيرة بفرض رقابة اضافية من هيئة التحرير على إدخال مواد تتعلق بأشخاص أحياء. ففي السابق كانت المواد التي تتناول شخصيات معروفة مثل باراك اوباما وحدها المشمولة بالحماية من المراجعات والتنقيحات التي يبقى اصحابها مجهولي الهوية. وبموجب الخطة الجديدة يمكن للأشخاص ان يغيروا بحرية ما تقدمه الموسوعة من مواد عن مسؤوليهم المحليين مثلا أو رئيس شركتهم ولكن هذه التعديلات والاضافات لن تُعتمد و"تصبح حية" إلا بعد ان يفحصها ويدققها مسؤول اداري في ويكيبيديا.

يقول جاي وولش المتحدث باسم مؤسسة ويكيبيديا وهي منظمة غير ربحية تشرف على الموسوعة "ان قلة من المواد التي تتضمنها الموسوعة تفوق بأهميتها المواد التي تتناول أشخاصا يمشون فعلا على الأرض. وما نريد ان نفعله هو أن نكون أكثر انصافا ودقة ، وأن نطور اداءنا ، ونكون ألطف مع هؤلاء الأشخاص". ولكن مجلة "تايم" تقول ان الاجراءات التي اتخذتها موسوعة ويكيبيديا باضافة آليات رقابية جديدة لرفع درجة الدقة والنزاهة أسفرت عن نشوء بيروقراطية. ويرى الباحث تشي ان مثل هذه البيروقراطية قد تكون حتمية عندما يصبح مشروع كهذا مهما. ولكن مَنْ يُريد المشاركة في مشروع يعج بالبيروقراطيين؟

المصدر: arabnet5.com