الانتفاضة أو الفوضى.
ترتفع في فرنسا أصوات كثيرة لمطالبة المسؤولين على مختلف مستوياتهم السياسية، وكذلك مختلف أولئك الذين يمارسون مسؤولية على الصعيد الاجتماعي، بالتنبّه لواقع «التفسّخ» الذي يعاني منه النسيج الاجتماعي منذ عدّة عقود. ويرى كُثر أن مجموعة أحداث العنف التي تنضوي تحت خانة «الإرهاب» إنما هي دليل واضح، وثمرة لمختلف أشكال التراخي والتراجع التي أفسحت المجال أمام تنامي ظواهر التطرّف والعنف في فرنسا، كما دلّت سلسلة الأحداث المأساوية التي هزّت البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ومن بين تلك الأصوات صوت المحامي الفرنسي تيبو دو مونبريال، والأخصائي بمسائل العنف والإرهاب الذي يقدّم كتاباً تحت عنوان «الانتفاضة أو الفوضى». وهو يشرح فيه ما يسميه التهديدات الحقيقية التي يواجهها المجتمع الفرنسي. يحمل الكتاب عنوان «الاستيقاظ أو الفوضى».
ويحدد المؤلف القول إن المصدر الأساسي لهذه لتهديدات هو مجموعات قليلة العدد من المتطرفين، ولكن «الفاعلة» والمصممة على الذهاب في مشروعات عنفها حتى نهايته. ويشرح أنه فيما هو أبعد من الأسباب الداخلية الفرنسية ذات العلاقة بطبيعة المنظومة السياسية السائدة، هناك مجموعة من العوامل ذات العلاقة بالأوضاع الدولية وبالسياق الدولي، وقبل كل شيء بالأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصّة في سوريا والعراق.
تتمثّل الفكرة الأساسية التي يناقشها المؤلف ـ المحامي في أن قدرة الفرنسيين على أن يفهموا الأسباب البعيدة والقريبة التي كانت وراء وصول الأمور إلى ما هي عليه اليوم ستكون، أي «قدرة الفهم»، بمثابة «المفتاح» الذي لا بدّ منه من أجل الوصول إلى «إعادة بناء مجتمع يمتلك درجة كبيرة من الانسجام» بين مختلف مكوّنات نسيجه المجتمعي المتنوّع.
ويحدد المؤلف على رأس الأسباب البعيدة لبروز ظاهرة التطرف في بلد مثل فرنسا تعاظم مشاعر «الانتماء الطائفي» و«التقسيم المجتمعي على أساس مثل هذا الانتماء».
الكتاب يطرح المؤلف فيه الكثير من المسائل المثيرة للنقاش والجدل بين آراء متباينة ومتعارضة أحياناً. لكن يؤكّد أنه لا يمكن الوصول إلى حل أية مشكلة مجتمعية راهنة ومستقبلية مثل مسألة التهديد بالعنف دون طرحها بكل أبعادها وتعقيداتها.
المؤلف في سطور
تيبودو مونبريال هو محام فرنسي كان سابقاً أحد أفراد الفوج العسكري الفرنسي السادس للمظليين. أخصائي بالمسائل المتعلّقة بمفهوم الدفاع عن النفس. وهو ابن تييري دو مونبريال مدير المركز الفرنسي للعلاقات الدولية ـ إيفري ـ لسنوات عدة.
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!