الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › المقاطعة طريق الشعب إلى النصر

صورة الخبر: مظاهرات بترام القاهرة
مظاهرات بترام القاهرة

فى عام 1930 قاد الملك فؤاد بمعاونة إسماعيل باشا صدقى أخطر الانقلابات الدستورية فى تاريخ مصر فى الحقبة الليبرالية، بدأ الانقلاب باستقالة حكومة النحاس باشا فى صيف ذلك العام بسبب إعاقة الملك فؤاد لعملها، ورغم تجديد البرلمان الثقة بها إلا أن فؤاد قبل الاستقالة وكلف إسماعيل باشا صدقى بتشكيل حكومة جديدة، وخلال أربعة أشهر من تشكيلها نفذت خطة الملك، فتم إلغاء دستور 1923 وأصدر الملك بدلا منه فى 22 أكتوبر 1930 دستورا جديدا مشوها معيبااستكمالا لمقومات الاستبداد حل الملك جميع مجالس المديريات، وأصدرت حكومة صدقى قانونا جديدا للانتخابات ملحقا بالدستور، ألغى مبدأ الانتخاب المباشر، وجعل الانتخابات على مرحلتين، فى الأولى يختار الناخبون مجمعا انتخابيا، ثم يقوم أعضاء هذا المجمع بانتخاب البرلمان نيابة عن الناخبين، كما رفع القانون سن الناخب إلى 25 سنة، واشترط فى عضو المجمع الانتخابى شروطا مالية وتعليمية استبعد به معظم المواطنين، كما حرم جميع المشتغلين بالمهن الحرة من محامين وأطباء وصحفيين ومهندسين من خارج القاهرة حق ترشيح أنفسهم لعضوية البرلمان.



وكان صدقى قد أكمل ديكور نظامه الجديد بتأسيس حزب يسانده مثلما فعل زيوار باشا فى الانقلاب الدستورى سنة 1925 عندما أسس حزب الاتحاد، وسمى صدقى حزبه حزب الشعب وأخذت الإدارة تروج لهذا الحزب وتدعو الناس بمختلف وسائل الترغيب والترهيب والتوريط فى الانضمام له.



بعد ساعات من صدور دستور 1930 بدأ الوفد فى قيادة الحركة الشعبية للاحتجاج على إلغاء دستور 23، من خلال البيانات والمؤتمرات السياسية والمقالات الصحفية. وانضم الحزب الوطنى للمعارضة ببيان عاجل أصدرته لجنته الإدارية بعد 48 ساعة اعتبرت فيه أن ما حدث اعتداء صارخ على الدستور، وسرعان ما انضم حزب الأحرار الدستوريين الذى كان صدقى ينتمى إليه عندما كلفه الملك بتشكيل الحكومة إلى المعارضين.



وفى 6 نوفمبر 1930 أصدر الوفد بيانا أعلن فيه مقاطعة الانتخابات على أساس دستور صدقى وقانونه جاء فيه: «أما وقد اعتدت وزارة صدقى باشا على دستور الدولة واستبدلت به دستورا باطلا من صنعها رغم إرادة الأمة وهى تعمل لإكراه البلاد بالقوة على الاعتراف به والرضوخ له، واستصدرت مرسوما بقانون انتخاب جديد على خلاف ما يقضى به الدستور، وبما أن دستور الدولة الذى أقسم الكل على احترامه والطاعة له هو حق مقدس للأمة لا يمكنها التفريط فيه ولا السكوت على المساس به أو مخالفة أحكامه. فلهذا قرر الوفد عدم الاعتراف بالدستور ولا بقانون الانتخاب الجديدين وعدم الرضوخ لهما ومقاطعة الانتخابات العامة بجميع عملياتها».


واتخذ حزب الأحرار الدستوريين قرارا مماثلا، وهكذا اتفق الوفد والأحرار الدستوريين على مقاطعة أى انتخابات تجرى على أساس دستور 30 وقانونه الانتخابى، وشكل الحزبان لجنة للتنسيق بينهما فى المقاطعة، ونفذا قرارهما، وفى نفس الوقت استقال عدد من العمد ومشايخ القرى حتى لا يشاركوا فى تزوير إرادة الأمة، وبدأت موجة الاستقالات باستقالة 250 من العمد والمشايخ ثم اتسعت الحركة وتضاعف العدد رغم تحويل الحكومة العمد والمشايخ المستقيلين إلى مجالس تأديبية وتغريمهم بمبالغ مالية كبيرة وملاحقتهم والقبض عليهم.



أما الحزب الوطنى فقد انقسمت قيادته، ورأت الأغلبية المشاركة فى الانتخابات بينما كان رأى الأقلية المقاطعة، وكانت هذه ضربة لحركة المعارضة حيث أضفت مشاركة الحزب الوطنى فى الانتخابات مظهرا لوجود معارضة برلمانية.



وفى مارس 1931 تشكل ائتلاف بين الوفد والأحرار الدستوريين صدر عنه ميثاق قومى تعاهد فيه طرفاه على مقاطعة الانتخابات والنضال لإعادة دستور 23 والحياة البرلمانية السليمة على أساس منه، وبدأ زعماء الحزبين حركة واسعة لزيارة أقاليم مصر والدعوة بين الجماهير لرفض دستور 30 وقانون الانتخابات الجديد والعمل على إسقاطهما وإعادة دستور 23، ولم يأبه زعماء الأحزاب بقمع السلطة ولا بطشها، ولا باستعانتها بالجيش لفض مؤتمرات المعارضة بالقوة، ولم يتوقف قادة الأمة عن مسعاهم حتى بعد أن وصل بطش حكومة صدقى إلى حد محاولة قتل النحاس باشا طعنا بسونكى بندقية أحد الجنود وهى المحاولة التى فشلت بسبب حماية سنيوت حنا عضو الوفد للنحاس باشا بجسده وتلقيه الطعنة عوضا عنه.



وتصعيدا للمواجهة قرر الوفد والأحرار عقد مؤتمر وطنى عام فى 8 مايو 1931، وعندما منعت الحكومة انعقاده بالقوة بدأت حملة لجمع التوقيعات على بيان المؤتمر الوطنى، وكان فى مقدمة الموقعين مصطفى النحاس باشا رئيس الوفد ومحمد محمود باشا رئيس الأحرار الدستوريين وعدلى باشا يكن رئيس مجلس الشيوخ المستقيل والشيخ محمد مصطفى المراغى شيخ الجامع الأزهر السابق وويصا واصف رئيس مجلس النواب المنحل، ووقع على البيان إلى جانب قادة الحزبين عدد من الوزراء والسفراء والضباط السابقين، كما انضم إلى التوقيع على البيان مجموعة من أفراد الأسرة المالكة وهم الأمراء والنبلاء عمر طوسون ومحمد على وعمرو إبراهيم وسعيد داود ومحمد على حليم وإبراهيم حليم.



رغم اتساع المعارضة وانضمام بعض رجال السرايا الذين شاركوا فؤاد من قبل فى انقلاباته الدستورية إليها مثل زيوار باشا الذى وقع على البيان وجاء اسمه فى مقدمة الموقعين، فإن حلف صدقى وفؤاد استمر فى خطته، وتمت الانتخابات فى يونيو 1931، تمت على أساس دستور الملك وقانون الانتخابات الذى سلب الشعب إرادته وحقوقه.



لكن البرلمان ظل برلمانا هزليا يشارك فيه حزبان للسلطة: حزب الشعب الذى أسسه صدقى، وحزب الاتحاد الذى أسسه قبلها بخمس سنوات زيوار باشا فى أول انقلاب دستورى، وإلى جانبهما الحزب الوطنى الذى باع المبادئ التى قام عليها منذ أسسه مصطفى كامل سنة 1907.



وليس هناك أفضل من وصف عبدالرحمن الرافعى لتلك الانتخابات:



«قاطعت الأمة هذه الانتخابات مقاطعة تامة، أشبهت فى روعتها واتساع مداها مقاطعة الأمة للجنة ملنر سنة 1919، بل إن تضحيات البلاد من القتلى والجرحى فى هذه الانتخابات كانت أعظم وأكبر من تضحياتها فى مقاطعة لجنة ملنر، وقد عمدت الحكومة إلى تزوير عملية الانتخابات، فأوعزت إلى لجان الانتخاب أن تزور محاضرها، بحيث تثبت فيها حضور الناخبين كذبا وزورا، وبذلك تمت هذه المهزلة بل هذه المأساة الانتخابية وكانت سابقة خطيرة اتبعتها الإدارة كلما أرادت الحكومة اصطناع برلمان صورى».



لقد نجح صدقى فى تشكيل برلمانه المزور على حساب مئة شهيد مصرى ومئة وخمسة وسبعين جريحا من بين عشرات الآلاف الذين خرجوا إلى الشوارع ليتصدوا للتزوير. إلا أن مقاومة الوفد والأحرار الدستوريين ومقاطعتهما للانتخابات فتحت الطريق للنصر ولإسقاط صدقى ودستوره وقانون انتخابته بعد خمس سنوات من النضال.

المصدر: الشروق

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على المقاطعة طريق الشعب إلى النصر

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
12621

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة