النفيسة يحاور النص المحيط في شعر القصيبي

عبر بوابة الشعر، يعود الشاعر الوزير الدبلوماسي الراحل الدكتور غازي القصيبي إلى الواجهة من خلال بحث أكاديمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث نجح باحث سعودي في تقديم قراءة جديدة لشعرية القصيبي.

البحث قدمه سعد بن عبد الرحمن النفيسة، وهو بحث مكمل لمتطلبات درجة الماجستير في الأدب والنقد نوقش مؤخرا بقسم الأدب بكلية اللغة العربية، تحت عنوان: «النص المحيط في شعر غازي القصيبي»، بإشراف د. صالح المحمود، وحصل به الباحث على تقدير ممتاز.

في هذا البحث سعى النفيسة إلى معرفة وعي الشاعر الراحل بالنصوص المحيطة بالنص الشعري عنده، والتوجيه بتكثيف جهود التعريب، توحيدا للجهود النقدية، وتفعيلا لمخرجاتها، والانطلاق في التطبيقات النقدية من خلال العقل الجمعي النقدي الذي يقدم مقاربات مؤسسية لا اجتهادات فردية قاطعة، من خلال مقاربته مع هذه الظواهر وغيرها التي يحفل بها الكثير من شعره، ولما يتناولها الدارسون بعد.

ويعد هذا البحث أول موضوع يسجل في برامج الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في شعر القصيبي بعد وفاته، وقد تناول إحدى الظواهر القديمة الجديدة في الإبداع الأدبي. وهي ما يسمى بالعتبات، التي ينضوي تحتها الكثير من التفاصيل المتعلقة بالنص الأدبي، وتمتاز هذه الظاهرة بوقوفها على جانب مهم في النص الأدبي، جانب يعتني بالجمالية في النص الأدبي انطلاقا مما حول النص، لا من النص ذاته كما جرت العادة.

وقد سعى الباحث «النفيسة» إلى معرفة وعي القصيبي بالنصوص المحيطة بالنص الشعري، ومدى تحقق الجمالية فيها، لأن جل ما كتب عن القصيبي لم يتناول هذه الظاهرة في شعره بشكل مستقل، كما قارب «النفيسة» زمن الكتابة والنص ومكانهما، وأثر ذلك على قصائده، وتجربته الشعرية.

وقد اعتمد الباحث في دراسة «النص المحيط في شعر غازي القصيبي» على المنهج الإنشائي، مقتصرا في دراسته على المنشور ورقيا من قصائد القصيبي الشعرية، إذ ضم البحث مقدمة تناولت أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، ثم تمهيدا عرض فيه الباحث مفهوم النص المحيط، معتمدا على الصيغة التي سار عليها جيرار جينيت من خلال قراءة عبد الحق بلعابد لعتباته، كما قدم «النفيسة» في التمهيد نبذة موجزة عن الشاعر غازي القصيبي، وأثره على المستوى المحلي والخليجي والعربي، ثم جاءت بعد ذلك فصول البحث الثلاثة: الفصل الأول: وخصصه للبحث في العناوين الداخلية والخارجية في شعر القصيبي، وذلك من خلال مبحثين اثنين: الأول منهما: لغة العنوان الدلالية من حيث التركيب والصورة والتناص، والثاني منهما: لغة العنوان التداولية بين الشاعر والمتلقي. وتناول هذا المبحث الثاني لهذا الفصل الأول وظائف العنوان التعيينية، والوصفية، والإيحائية، والإغرائية.

كما خصص «النفيسة» الفصل الثاني للإهداءات في شعر القصيبي من خلال مبحثين اثنين، الأول: يبحث في لغة الإهداءات الدلالية والتداولية، والثاني: يبحث في وظائف الإهداءات من خلال وظيفتي التواضع والاعتذار وما قد يتصل بهما من وظائف.أما الفصل الثالث فتناول فيه الباحث فضاء النص المحيط في شعر القصيبي من خلال مبحث الزمان، الذي قرأ فيه زمني النص والكتابة، ومبحث المكان الذي قرأ فيه مكاني النص والكتابة.

ثم جاءت بعد ذلك الخاتمة وفيها أشار الباحث إلى إشكالية تعريب المصطلحات النقدية، والأثر السلبي الذي يتركه التأخر في التعريب وعدم دقته في الإبطاء بالعملية النقدية، وإحداث الارتباك لدى الدارسين، كما أظهر البحث ما يتمتع به القصيبي من وعي مبكر بالنص المحيط، وخصوصا العنوان، وما شهده ديوانه الأول «أشعار من جزائر اللؤلؤ» من تأخر في الإصدار لأسابيع بسبب عدم وقوفه على عنوان مناسب وهو لا يزال دون العشرين من عمره شاهد على هذا الوعي. كما وجد الباحث دلالات الإهداءات ظاهرة، ووعيه متناميا من خلال تنقله عبر حلقات إنسانية واضحة: الصداقة، القرابة، الهموم الأدبية والقومية، تتناسب مع نموه الاجتماعي وتنوع علاقاته الثقافية.

وقد أوصى الباحث بتكثيف جهود التعريب، توحيدا للجهود النقدية، وتفعيلا لمخرجاتها، والانطلاق في التطبيقات النقدية من خلال العقل الجمعي النقدي الذي يقدم مقاربات مؤسسية لا اجتهادات فردية قاطعة، كما دعا الباحثين إلى العناية بإبداع القصيبي من خلال مقاربته مع هذه الظواهر وغيرها التي يحفل بها الكثير من شعره، ولما يتناولها الدارسون بعد.

المصدر: الشرق الاوسط