الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › مصطفى أمين يكتب: الشقاء السعيد

صورة الخبر: مصطفى أمين
مصطفى أمين

فى مجلة "الجيل " عام 1954 كتب مصطفى أمين مقالا قال فيه:

من آراء الفلاسفة فى دار أخبار اليوم وكل الشباب فى الدار فلاسفة، أننى رجل لا يتمتع بالحياة، وأن حياتى أصبحت قلما وحبرا وورقا، وأننى سأموت كما ولدت لم أذق طعم الدنيا.

فهم يعتقدون أن الرجل يدفع سعادته ثمنا لنجاحه، وهم يعتقدون أننى اشتريت النجاح ودفعت ثمنا لذلك سعادتى وهنائى ومسرات الحياة.

وأقول أولا أنا لا أعتبر نفسى قد نجحت، ولو شعرت أننى نجحت لاسترحت، وأرحت الناس، ولأصبحت مثل غيرى فيلسوفا أصرف مائة جنيه فى الشهر وأتحدث عن الفقر، وأقضى الليل فى سهرات حمراء، ثم ألطم خدودى من شدة البؤس وأصرخ ملتويا من عذاب الحياة.

لقد تمتعت بالحياة كما أفهمها، ولقد تذوقت كل مسرات الحياة التى يتحدث عنها زملائى الفلاسفة فلم أجد فيها سعادة ولا جنات النعيم، ذقت الخمر فوجدت كل الناس لا يذوقون رشفة حتى يتطوحوا من شدة السعادة، ويتمايلوا من الهناء ويتبادلوا الضحكات والأفشات.

أما أنا فقد انكبست من الكأس الأول، كنت أتكلم فسكت، وكنت مبسوطا فبلمت، لهذا لم أتردد فى أن أزيح كأس الويسكى من أمامى، وأن أجد الخمر فى أشياء أخرى غير الشمبانيا، فوجدتها فى رؤية وجه جميل، رأيت لون الشمبانيا فى شعر أشقر، ولون النبيذ فى شفاه حمراء وحرارة الكونياك فى أنفاس المرأة جميلة.

لم يكن يهمنى أن تكون الكأس فى يدى أو فى يد غيرى، فقد كنت فى شبابى أسكر من خمر الجمال دون أن ألمسه، وأدوخ من هوى الغانيات دون أن أعبى منهن الكئوس، فقد عشقت حينا بالنظر وحينا باللمس، وعشقت أحيانا من الذاكرة، لكنى لم أسكر من هذا الهوى، بل أفقت، وهذه سعادة شعرت بها فى شبابى.
لقد سكرت أحيانا بغير أن أشرب، وانتشيت بغير أن أملأ بطنى بزجاجة النبيذ.

وقد جربت أن ألعب الورق وأن أكسب وأخسر لكنى لم ألبث أن شعرت أنه من السخافة أن أضيع وقتى وأوقات الناس لأكسب خمسة قروش أو خمسة جنيهات، بل شعرت أننى أكسب باللعب جنيها وأخسر صديقا، ووجدت أن الحياة فيها قمار أكثر من قمار الموائد، فأشعر بإحساس المقامر عند الدخول فى مشروع جديد مثلا.

أكره ان أمضى حياتى فى كباريهات أو ملاهى لا لأننى أكره الفن، ولكنى أشعر بعذاب عندما أرى أننى اشتريت ابتسامة من راقصة بكأس من الخمر.

وبعد فلا أجد فى كل هذا سعادة بل أجد فيه شقاء، لأنى أؤمن أن السعادة والهناء فى العمل والجد، ففى هذا العمل أشرب وأقامر وأحب وأسعد.

المصدر: فيتو

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على مصطفى أمين يكتب: الشقاء السعيد

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
34344

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة