«فرعون كان طيبا..وكان ديمقراطيا.. وكان مخلصا لمصر!» ـ نطقها الأستاذ عبدالحميد بعد طول قطيعة مع التصريحات الفولاذية، ولكنه كان فى ذلك اليوم «مستعدا للسياسة»، قرر أن يكون بطل الساحة وهو يكشف عن رأيه الجدلى فى فرعون، وهو من ظل العمر كله يتظاهر بالنعاس عندما تبدأ فقرة «استعراض العضلات» فى تبادل الآراء السياسية المعارضة بين المدرسين فى المدرسة لاسيما الشباب منهم.. كان يستمع إليهم فى ريبة وتحفظ.. يعتبرهم «لا يبدون أى احترام للكبار فى حواراتهم.. فينتقدوهم ويهاجموهم، بل وأحيانا تفلت منهم ألفاظ غير لائقة» كان هذا رأيه فى حديثهم السياسى «الوقح» فكان يتظاهر بالنوم حتى لا يُتهم بالجهل ولا حتى بالسلبية «فالحكم لأهل الحكم والطاعة واجبة على الجميع».
وأنت تجوب داخل رأس عبدالحميد تقفز أمامك لقطات لشخصيات عاصرتها كثيرا قبل ثورة يناير، تعيد الاستماع لاسطوانات قديمة عن السلطة الأبوية للحاكم ونهر نقده سواء من باب التقاليد التى تقدس الأب حتى لو كان حاكما فاسدا، أو حتى من باب الخروج على الحاكم وتأويلاته الشرعية الطويلة.
تتقمس هذه الروح الحبيسة وأنت تتابع تفاصيل الأستاذ عبدالحميد، أحد أبطال المجموعة القصصية الجديدة الصادرة عن دار «الشروق» «وكان فرعون طيبا!» للكاتب حسن كمال، الذى يعبر بك فجأة إلى الضفة النقيضة التى ترى فيها الأستاذ عبدالحميد متمردا ومقداما ويعبر عن آرائه السياسية حتى وإن خالفت توقعات الناظرين، ودفع ثمنها وصمة فى سجله الإدارى لأول مرة فى تاريخه بعد سنوات طويلة من الخدمة فى التعليم، وسنوات أطول من الصمت والسير جانب الحيط..
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!