صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، مسرحية "في انتظار جودو"، تأليف صامويل بيكيت، ترجمة رانية خلاف وتقديم محمود نسيم عن سلسلة آفاق عالمية، وهى كوميديا مأساوية في فصلين.
ويشير محمود نسيم في مقدمة الكتاب التي جاءت بعنوان "في انتظار جودو: العالم وتمثلاته" منذ ليلة عرضها الأولى في باريس عام 1953 وحتى الآن، شكلت مسرحية "في انتظار جودو" وما يشبه المجرى النقدى الخاص بها، وكونت ما يكاد أن يكون تيارا فكريا مرتبطا بها ودالًا عليها بهذا المعنى، أصبح النص متصلًا بالتصورات الفكرية المصاحبة له، على نحو يجعلهما، أي النص والنقد معًا، كلًا واحدًا يتجلى على طبعات متوالية وترجمات متعددة وعروض مستمرة، مصحوبًا بلائحة تفسيرية معتمدة، و"كالتوج" نقدى موثق يحدد آليات القراءة والمشاهدة وكيفيات التلقى والنقد، والنص، من هذه الزاوية، يمثل استثناءً منفردًا، فلم يحدث بهذه الكيفية، وإلى هذه الدرجة، أن توحد نص مع البيان النقدى المتولد عنه، وكما هي مع الخطابات الفكرية التي رافقت ليالى عروضه وترجماته وطبعاته مثلما هو حادث وقائم مع "جودو" فمع كل طبعة أو ليلة عرض، تتكرر الأفكار ذاتها، وتثار مجددًا الصياغات النقدية نفسها، وكأن كل طبعة هي الطبعة الأولى، وتلك هي الترجمة الوحيدة، وليلة العرض الآن هي الأولى، بتعبير آخر، هو نص يتولد ابتداء من نشرة أو ترجمته أوعرضه، متصلًا ومتلازمًا مع كل ميراثه النقدى وكل شفرات الأدائية، وكل تفسيراته الممكنة، وكأن النص الذي استبدل، في واحدة من تأويلاته حتى مستوى التسمية "جودو" بالقدرية الكونية قدرية اجتماعية، أصبحت له قدرته الخاصة التي تفرض على أي قراءة محتملة له أن تتحضر مع حواراته وشخصياته ومساراته صورة النقدية المصاحبة، المتولدة عنه والمتوازية معة فحين نقرأ "جودو" أو نشاهدها ونتلاقى مع بيكيت: صاحب النص والعلامة، واللعب يكون علينا، بما يشبة الإلزام النقدى، أن تستحضر العقول النقدية التي تماشت معه، واكتشفت عوالمه المركبة، وتعددت في منهجيتها وخطابها، ومع تعددها هذا، كونت وأسست عددًا من المبادئ المنظمة والمحملة، بما فيها العنوان الكلى الذي أدرجت أعمال بيكيت في إطاره، وأعنى مسرح "العيش" أو اللامعقول أو ما شابه من تسميات.
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!