الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةإصدارات وكتب أدبية › حصلت على نوبل للسلام باستحقاق.. ملالا يوسف زاى.. تتحدى الطالبان وتلهم العالم

صورة الخبر: صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قبل عدة أشهر، وقعتُ بالمصادفة على فيديو لخطبة ملالا يوسف زاى فى الأمم المتحدة، بمناسبة تكريمها، فى اليوم الذى عُرف باسم «يوم ملالا» الموافق العاشر من نوفمبر، عقب شهر واحد من محاولة اغتيالها على يد أحد أتباع جماعة الطالبان، بسبب دعوتها لتعليم الفتيات، وانتقادها طالبان، وهو اليوم الذى أحياه الأمين العام للأمم المتحدة. واعترف بأننى تأثرت بالثقة الشديدة التى تتخلص من شوائب الغرور أو المراهقة، وأعجبت بالخطاب المفوّه للفتاة ذات الخمسة عشر ربيعا، التى اتشحت بالوشاح الذى كانت ترتديه رئيسة وزراء الباكستانية الشهيدة بينظير بوتو.

ورغم ذلك فحين أعلن عن حصولها على جائزة نوبل للسلام الأسبوع الماضي، تلقيت الخبر بحذرٍ وتحفّظ، لا علاقة له بيقينى فى أحقية هذه الفتاة الشجاعة الملهمة، بقدر ما تعلق بريبتى فى الجائزة نفسها، التى أظنها كانت محل جدل وريبة واختيارات مريعة على مدى سنوات. لكنى حين انتهيت من قراءة سيرة ملالا، التى صدرت ترجمتها العربية على يد أنور الشامى عن المركز الثقافى العربي، قلت لنفسي: هنيئا لنوبل للسلام، هذا الاختيار الذى يمكن أن يزيح عن الجائزة قدرًا كبيرًا من الآثام التى ارتكبتها باختيارات غير موفقة أو مبررة، أثّرت على سُمعة الجائزة على مدى سنوات.

لقد تبين لى سرّ فصاحة ولباقة ملالا، عبر سطور الكتاب، حين قصّت فى معرض تناولها لسيرة والدها ضياء الدين يوسفزاي، كيف أنه كان يعانى صعوبات فى الكلام، وكان ذلك مثار سخرية، فما كان من أبيها إلا أن تحدى نفسه، وشارك فى مسابقة للخطابة، وفاز بها. ولا شك أنها ورثت هذه المقدرة المدهشة عن والدها.

يتضمن الكتاب سيرة سريعة لوالدها ووالدتها، وقصة حبهما التى تعد قصة نادرة فى مجتمع ذكورى لا تُحترم فيه المرأة.. ثم تحكى ملالا كذلك عن الجد والد الأب، وتفاصيل نشأته خطيبًا وفقيهًا دينيًا، لكنه كان مستنيرًا، مثلما نشأ ابنه الذى عُرف عنه أنه لم يخش النقاش فى أى شأن يخص انتقاد الملالى أو الجيش أو السلطة بصوتٍ عال..

يتضمن الكتاب سردًا دقيقًا لتاريخ وادى سوات، شمال غرب باكستان قرب الحدود مع أفغانستان، والذى تصفه يوسفزاى باعتباره قطعة من الجنة الشتوية.. وتتتبع تاريخ قبائل البشتون التى تنتمى لها، الذين يعلون من قيمة الشرف كقيمة لا تعادلها قيمة أخرى إلا الكرم، ولا يسير أى منهم بلا سلاح فى الوقت نفسه، كما تشير لسلبيات البشتون فيما يتعلق بنظرتهم الدنيوية للإناث.. ولكنها تفخر بأن أباها كان ولا يزال فخورا بها رغم أنها حظيت لاحقا بشقيقين هما خاشوم وأتليل. فقد سماها «ملالا» تيمنا باسم المناضلة الأفغانية ملالاى مايواند، التى شاركت فى الحرب الأنجلو أفغانية عام 1880 وقتلت بين النيران، فألهبت حماس الرجال، وانتصروا فى حربهم تلك ضد الإنجليز.

كما تسرد تاريخ الوادى قبل الاستعمار، وصولا إلى التقسيم، الذى جعل منه جزءا من باكستان، أول دولة إسلامية فى العصر الحديث على يد محمد على جناح، ثم تاريخ الباكستان المعاصر. ويلقى الكتاب الضوء بشكل مفصّل على العلاقة المركبة بين أمريكا وباكستان، والتى وصلت إلى طريق شبه مسدود بعد تنفيذ عملية قتل «بن لادن» من دون معرفة المخابرات الباكستانية، ما أحرج الدولة الباكستانية أمام مواطنيها.

وتسرد ملالا بالتفصيل معاناة شعب فقير، قليل الحيلة، لا يعرف شيئا عما يدور خارج واديه الصغير، تسلطت عليه قوى الملالي؛ فضل الله ومن تبعه، الذين يمنعون الناس من الغناء والموسيقى والتعليم، بالقوة حتى إنهم فجّروا 400 مدرسة، ومنعوا الفتيات من الالتحاق بالمدارس، بالتوازى مع قصة كفاح وعناد من أبيها وبعض أقرانه لقضية التعليم وأهميته فى رفع شأن بلادهم من جهة وكسلاح رئيس لمواجهة الأفكار المتطرفة التى يمثلها طالبان والملالي. وتأثرها بذلك كله هى التى تصف نفسها أنها تقريبا نشأت فى المدرسة وعاشت بها أكثر مما عاشت فى منزلهم البسيط الفقير. وكان شغفها بالقراءة والتعلم والتفوق أمرًا أساسيًا تعده مصيرًا لا رجوع عنه هى وصديقتا طفولتها، اللتان كانت تتقاسم معهما التفوق. وكانت واحدة منهما معها، لحظة تلقّيها الطلقات التى كادت ترديها قتيلة لولا عناية الله.
وتصف أيام الرعب التى سادت حين امتلك طالبان السلطة من دون أى تدخل يذكر من الدولة، ونزوح أغلب السكان خارج الوادي، حين قرر الجيش أخيرًا أن يقضى على سلطة طالبان، بعد شهور طويلة من الرعب ومشاهد الذبح للأهل والأصدقاء، الذين كانوا يرون جثثهم ملقاة فى الشوارع فى صباح كل يوم. ثم عودتها من منفاهم الاختيارى فى قرية الأب شانجلا، وهى أكثر رغبة فى التعلم، وفى تبنى قضية تعليم الفتيات فى بلدها كقضية مصير، وهو ما جعلها تتحدث لوسائل الإعلام الأجنبية.

ثم تلقت دعوة من بى بى سى لكتابة يومياتها باسم مستعار هو جول ماكاي، تسرد الفظائع التى تتعرض لها الفتيات اللائى يرغبن فى إتمام تعليمهن فى سوات. وسرد تفاصيل الواقع اليومى المخيف غير الآمن لأى شخص لا يتبع أهواء طالبان، حيث يقتحمون البيوت والمحال، ويقومون بجلد الناس وتعذيبهم أو قتلهم، وتحظى الفتيات والسيدات بالجانب الأكبر من التهديد. وصولا إلى استهدافها هى شخصيا بالقتل، حيث تروى الوقائع الدامية لهذه التجربة المأساوية.

هذا الكتاب مُلهم على أكثر من مستوى، فهو يقدم نموذجًا لفتاة لا يتجاوز عمرها 16 عامًا، لكنّها ذات إرادة قويّة، ربما كان لها دور.. ليس فقط فى مواجهة مخاوفها فى تحديها لسلطة طالبان فقط، بل فى تشبثها بالحياة وعودتها أكثر شجاعة وقوة. كما أنها تُقدم دليلا عمليا على أن التغيير لا يتم بالثرثرة والنقد السلبى فقط بل، أيضا وأساسا، بالمواقف والعمل حيث إنها ساعدت والدها من خلال الجوائز التى تلقتها قبل نوبل فى مساعدته لتحديث مدارسه.. وهذه تحية منى لشخصية مميزة ألهمتنى أنا شخصيا.

الكتاب: أنا ملالا.

المؤلف: ملالا يوسف زاى

المحرر: كريستينا لامب.

المترجم: أنور شامى.

الصفحات: 416

الناشر: المركز الثقافى العربى ـ المغرب

المصدر: الاهرام

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على حصلت على نوبل للسلام باستحقاق.. ملالا يوسف زاى.. تتحدى الطالبان وتلهم العالم

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
17845

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة