الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › هل يحتاج المبدعون إلى تفرغ؟

صورة الخبر: هل يحتاج المبدعون إلى تفرغ؟
هل يحتاج المبدعون إلى تفرغ؟

لا تبدو دعوة المثقفين السعوديين لتطبيق نظام التفرغ من أجل الإبداع ترفا، فقد سبق الشعراء والأدباء والفنانين، مبدعون آخرون في مجالات مختلفة حازوا امتيازات التفرغ من أجل إنهاء مشروعاتهم، فهناك لائحة تسمح بتفرغ العلماء والأكاديميين في الجامعات، ويجري تطبيق نظام يتيح للرياضيين الحصول على تفرغ ولو مؤقت للقيام بواجباتهم، فما الذي ينقص الأديب والشاعر والقاص لكي يحصل على تفرغ مدفوع التكاليف لممارسة الإبداع وإثراء المجتمع؟

في السعودية، يطل هذا النقاش بوجهه كلما اصطدم شاعر أو أديب بقوانين البيروقراطية الإدارية التي تمنعه من حضور المناسبات والسفر للمهرجانات، وعندها يجأر بالشكوى مطالبا بتطبيق نظام التفرغ. لكن لا أحد يختلف على أهمية الفكرة رغم الاختلاف على آليات التطبيق، حيث يكمن الحذر في التفاصيل.

في التحقيق التالي، يناقش عدد من المثقفين هذه الفكرة ومجالات تطبيقها، والمخاوف التي يبديها المثقفون من تنفيذها. وفي هذا التحقيق أبدت وزارة الثقافة والإعلام تأييدها للفكرة، وأعلنت أن هناك مشروعا تعكف على إعداده ينظم عملية التفرغ هذه، وتوقعت الانتهاء منه في بحر عام من الزمان.

يستعرض الناقد أحمد بوقري رأيه في مسألة تفريغ المبدعين للكتابة، معتبرا أنها فكرة «لا معنى لها في لحظتنا الراهنة».

رغم أن بوقري يعتبر فكرة تفريغ الأديب لممارسة العمل الأدبي «فكرة نبيلة»، فإنه يلاحظ أن «للمسألة وجوها وملابسات. أول هذه الوجوه السالبة لقضية التفرغ أنها تظهر أن المبدع لا يستطيع أن يبدع وينجز في خضم ظروفه الحياتية العادية والعملية، وهو ما يمثل إساءة لفكرة الإبداع ذاته، وتجارب المبدعين الحقيقيين لم تنبع إلا في خضم الانشغالات اليومية المحتدمة».

ويضيف: «ثاني هذه الوجوه السالبة أن الإبداع الذي ينتج في ظروف التفرغ مرتهن لمواضعاته وشروطه ومحدداته الزمنية وارتهاناته الخارجية، فيفقد الإبداع عندئذ بكارته وتلقائيته ولحظته التجريبية».

الملابسات التي يتحدث عنها بوقري هي «عديدة وذات صلة بالضرورة لمن يستحق أن يتفرغ، ومن لا يستحق. وذات صلة بمن يستطيع أن يلتزم بوقت التفرغ، ومن لا يستطيع. ومن يستطيع أن يكتب في ظل التفرغ ما يستحق أن يسمى إبداعا أو لا إبداعا».
وينتهي بالقول: مسألة التفرغ تبدو لي غير ذات جدوى جمالية إذا لم يستطع المبدع أن يعي أن الإبداع في حد ذاته هو نأي خاص ولحظي عن انشغالات غير لحظية من صميم حياته وهمومه اليومية. فلا إبداع حقيقيا نتوقعه إلا في أتون التجربة اليومية ومن خلال الالتحام اليومي والمعايشة لكل المرارات العملية والحياتية، وإلا أصبح الإبداع ترفعا وترفا ونأيا عن الواقع.

* جبير المليحان: الوزارة لا تسمع

القاص جبير المليحان، رئيس النادي الأدبي في الشرقية سابقا ورئيس موقع القصة العربية، يقول: تحدث كثيرون عن ضرورة وجود نظام لتفرغ الأديب، وطالبوا بأهمية وجود مثل هذا النظام، كما تضمن هذا المطلب العديد من توصيات المؤتمرات الأدبية والملتقيات الثقافية، غير أن وزارة الثقافة والإعلام لا تملك آذانا صاغية لما يقوله مثقفو البلد. ولذلك فإن طرح مثل هذا الموضوع، وغيره من الموضوعات الهامة مثل «صندوق الأدباء» و«اتحاد الأدباء»، وتفعيل «جائزة الدولة التقديرية للأدب»، كلها تدل على أن وزارتنا لا تملك برنامجا ثقافيا، أو رؤية لبرنامج ثقافي يخدم مسار التنمية في بلادنا.

* حسن السبع: سطوة «المؤسسة»

في الإطار ذاته يقول الشاعر حسن السبع: «لا اعتراض على فكرة التفرغ في حد ذاتها. الفكرة وجيهة، غير أن بعض الأفكار الوجيهة يسيء إليها التطبيق، وغياب المعايير الصحيحة». ويضيف: «لأن السؤال يتعلق بتفرغ شعراء وقاصين وروائيين وفنانين فالمسألة تبدو أكثر تعقيدا. أول ملاحظة على التفرغ في مجال الإبداع الأدبي والفني هي نسبية النظر إلى الإبداع. وفي هذه الحال قد يعطي من لا يملك ذائقة عالية شهادة لمن لا يستحق»!

ويقول: في مناخ ثقافي تقليدي قد تواجه الأعمال الإبداعية المتجاوزة باستبدادية «الذوق الحسن»، واستبدادية القيم الجمالية التقليدية. فكيف تفرغ شاعرا أو روائيا ثم لا تجيز عمله الأدبي؟ لهذا السبب قد تفرض المؤسسة الثقافية المعنية بالأمر شروطا تتعلق بالمضامين. والإبداع الحقيقي بحاجة إلى فضاء أوسع لا تحده الشروط ولا القيم الجمالية التقليدية. ولعل فكرة التفرغ في مجال الدراسات والبحوث العلمية أكثر واقعية.

ويضيف السبع: قد لا تكون معايير تفرغ المبدعين أفضل من المعايير المتبعة في منح الجوائز الأدبية، أو تكريم الأدباء، أو الترشيح لحضور المهرجانات والملتقيات التي تقام داخل وخارج المملكة، حيث توجد تحفظات على معايير وظروف اختيار المرشحين، من أبرزها الارتجال، وعدم وجود آلية لمتابعة نتاج الساحة الثقافية، وكذلك المجاملة والعلاقات الشخصية، وهو ما قد يحدث لو أقر مشروع التفرغ.

* الشويخات: نعم بشروط

من جانبه يرى الأديب الدكتور أحمد الشويخات، عضو مجلس الشورى رئيس مؤسسة أعمال الموسوعة العربية العالمية، أن فكرة تفريغ المبدعين من فنانين وعلماء للقيام بأعمال معينة أو للبحث والتأمل والاستقصاء أو الإنتاج الثقافي؛ هي فكرة حيوية من حيث المبدأ، بل مطلوبة لصالح المبدع والإبداع والمجتمع. فأي مبدع يحتاج أن ينصرف إلى هم الانخراط والانشغال بالإبداع بعيدا عن منغصات القلق لتحصيل قوته وقوت عياله أو دفع الفواتير الاستهلاكية من كهرباء وماء وسكن وخلافه، أو فواتير الإنتاج الثقافي نفسه من كتب ومصادر وخامات وتكاليف سفر وبحث.

ويضيف الشويخات: غير أن هذا الدعم المعنوي والمالي والاجتماعي لا يمكن أن يكون مفتوحا أو مطلقا، وإنما يقترح أن يكون مشروطا من حيث مدة التفريغ وحجم ونوعية الدعم. فلا بد أن تكون هناك جهة في الدولة، هي افتراضا وزارة الثقافة أو التعليم العالي أو البحث العلمي، تستقطب مقترحات مشاريع الإبداع الفني والعلمي من المبدعين وتقوم بمراجعة هذه المقترحات، وتقرر تفريغ المبدعين للعمل مددا معينة طويلة أو قصيرة، من أشهر إلى سنوات، وبامتيازات ومكافآت وتعويضات مجزية كريمة لائقة بالتنسيق مع جهات عمل المبدعين. وسيكون المنتج الإبداعي معروف المواصفات والمعايير والمردود. ومثل هذا التخطيط والاشتراط أدعى إلى ضبط وترشيد الموارد ورعاية واحترام الإبداع نفسه والمبدعين وحماية مصالح المجتمع، بدلا من الحديث عن تفريغ المبدعين من دون شروط أو محددات.

جاسم الصحيح: فكرة طوباوية

من جانبه يشير الشاعر جاسم صحيح إلى أن فكرة تفريغ المبدع ورعايته ماديا من قبل وزارة الثقافة والإعلام «قد تكون فكرة ممكنة الحدوث، خصوصا ونحن نتأملها كفكرة مجردة، لكن عندما ننقلها إلى أرض الواقع لتجسيدها نراها فكرة تتطلب الكثير من الجهود كي تجد لها حيزا من التطبيق».

ويضيف: «الفكرة ليست مستحيلة، ولكن تحتاج إلى إرادة وقرار سام وجهود كبرى قبل كل شيء».

ويوضح الصحيح بالقول: بلدنا مترامية الأطراف، ومبدعونا في الشعر والأدب والفن بكل أشكاله يعدون بالآلاف، وهناك حاجة لوضع الاشتراطات التي يجب أن تنطبق على المبدع كي يحصل على التفرغ، هذه الاشتراطات تحتاج إلى الدقة في تصنيفها كي لا ينتفع منها مبدع في مجال ما ويخسر بسببها مبدع في مجال آخر.

* سعد الثقفي: أسوة باللاعبين

الشاعر سعد الثقفي قارن بين فكرة تفرغ المبدع والتفرغ الأكاديمي الذي يحظى به الباحثون في الجامعات، وقال إن المبدعين يحظون بعمليات تفرغ من جهات ليس بينها وزارة الثقافة والإعلام، «فهناك سنة تفرغ للأكاديمي، وتحت بند ما يسمى (الانتداب) يفرغ الموظفون في الدولة. وعلى هذا الأساس يمكن تفريغ المبدعين في سائر الفنون، لكي يبدعوا. لكن هذا التفرغ يجب أن يحدد بضوابط معينة لكي لا يصبح محطة كل من لا محطة له».

الثقفي يناقش الفكرة بالقول إنها «فكرة رائعة وجيدة لو طبقت بشكل جيد ودقيق، وسوف تخدم الثقافة المحلية جيدا، لأن المثقف لدينا غير متفرغ ويكدح من أجل قوته وقوت عياله، كما أن الوزارة لا تدعمه ولا تشتري كتبه (المؤلف كمثال)، والعائد من الإبداع ليس مجزيا، ولو تمت الفكرة بشكل جيد، لاستفاد منها المبدع والثقافة المحلية على السواء».

ومسألة تطبيق هذه الفكرة برأي الثقفي ممكنة، «فاللاعبون حين يتم استدعاؤهم للذهاب للمنتخبات يتم تفريغهم بموجب نظام معمول به، وقد يتغيب اللاعب عن عمله عدة شهور في المعسكرات، وهذا ما يحتاجه المثقف - المبدع بالضبط، تفرغ يتم الاتفاق عليه بين وزارة الثقافة والجهة التي يعمل لديها، بشرط أن تنطبق عليه الضوابط».

المصدر: الشرق الاوسط

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على هل يحتاج المبدعون إلى تفرغ؟

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
62501

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة