احتجاجات في الجزائر على ارتفاع الأسعار
الجزائر: ينظم حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض السبت مسيرة شعبية بالعاصمة الجزائرية للتنديد بالأحداث التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية ، فيما دعت السلطات المواطنين الى البقاء بعيدا عن المسيرة .
وستطالب المسيرة بادخال تغييرات سياسية بالاضافة الى اطلاق سراح مئات الاشخاص الذين اعتقلوا فى وقت سابق من هذا الشهر خلال اعمال الشغب اثر الاحتجاجات على ارتفاع اسعار المواد الغذائية.
وقال سعيد سعدي زعيم حزب التجمع في حوار هاتفي مع قناة "فرانس 24 ": "إن أكثر من 15 ألف من عناصر الأمن إنتشروا في شوارع العاصمة بهدف منع المسيرة الاحتجاجية"، معبرا عن خشيته من من وقوع أعمال عنف.
وتتزامن هذه المظاهرة غير المرخص لها من وزارة الداخلية مع تجمع آخر سينظم في ساحة "الجمهورية" بالعاصمة الفرنسية باريس السبت من أجل نفس المطالب.
وصرح حسين فليسي وهو ممثل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بالمهجر، في حوار هاتفي مع القناة أن المسيرة التي سينظمها حزبه هي بمثابة امتداد سياسي للمظاهرات التي نظمها الشبان في العديد من الأحياء الجزائرية الأيام القليلة الماضية، مضيفا أن شخصيات سياسية رفيعة المستوى ومثقفين وفنانين ومواطنين من عدة مدن مثل تيزي وزو والبويرة وبجاية سيتوافدون بكثرة إلى الجزائر العاصمة للتعبير عن غضبهم إزاء سياسة النظام الجزائري.
الرزانة والحذر
ومن جانبها ، حذرت السلطات الجزائرية من المشاركة في المسيرة التي دعا إليها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض.
ودعا بيان صادر عن سلطات محافظة العاصمة الجزائريين إلى "التحلي بالرزانة والحذر وعدم الاستجابة للاستفزازات التي قد تصدر للمساس بالسكينة والطمأنينة العموميتين خلال المسيرة غير المرخصة التي تنوي جمعية ذات طابع سياسي تنظيمها يوم السبت بالجزائر العاصمة".
وشدد البيان على أن المسيرات في العاصمة ممنوعة وأن كل تجمهر في الشارع العمومي يعتبر إخلالا ومساسا بالنظام العام.
وكانت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان قد نظمت في وقت سابق ما سمي بلقاء وطني لأربع نقابات مستقلة لدراسة ما وصفته بالوضع السياسي والاجتماعي الراهن والخطوات اللازمة لمنع تهميش المزيد من الشباب وانتشار الفوضى في البلاد.
وفي بيان لها طالبت المنظمات الحقوقية بالافراج عن المعتقلين في الاحتجاجات التي شهدتها معظم مناطق البلاد في الايام الاخيرة. كما طالبت برفع حالة الطوارئ وفتح المجال الاعلامي والسياسي.
وكانت الجزائر قد شهدت عددا من حالات الانتحار عقب اشعال الشاب التونسى محمد البوعزيزى النار فى نفسه ما فجر الثورة الشعبية فى تونس والتى ادت الى الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي.
التغيير الديمقراطي
واستبق مجموعة من الجامعيين والصحفيين والشخصيات الجزائرية الجمعة المسيرة الشعبية باصدار نداء للتغيير الديمقراطي في البلاد .
ودعا الموقعون على النداء الى "تضافر كافة مبادرات المواطنين والجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية في اتجاه رفع القيود عن الحياة العامة ومن اجل تحقيق التداول الديمقراطي في الجزائر".
ويعتبر هذا النداء الذي وقعه ثلاثون شخصية، فريدا من نوعه، على الاقل منذ الاضطرابات التي هزت الجزائر من الرابع الى التاسع من كانون الثاني/يناير.
ويشيد النداء مطولا بقوة بحركة الاحتجاج التونسية التي اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
واعتبر الموقعون ان "التحرك العادل للشعب التونسي يفتح وضعا سياسيا جديدا في المغرب العربي الذي يربطه مصير مشترك".
وبعد التطرق الى "اليأس الاجتماعي" في الجزائر والذي تجلى في اضطرابات بداية الشهر الجاري التي اسفرت عن سقوط خمسة قتلى واكثر من 800 جريح في مختلف انحاء البلاد، انتقد الموقعون بشدة الحكومة الجزائرية لانها لم تعط تلك الاحداث "سوى تفسير واحد هو ارتفاع اسعار المواد الاساسية".
وقال الموقعون ان "ازمة يناير لا تنصهر في الزيت" في اشارة الى احدى تلك المواد الاساسية، مؤكدين ان "التحركات الاجتماعية بلغت هذه السنوات الاخيرة عددا غير مسبوق" في الجزائر.
وتابع النداء ان "الحكم وجد نفسه وحيدا امام ارتباك وغضب الجزائريين" وانتقد فرض حالة الطوارىء منذ 1992 و"القمع الامني والتضليل والقيود على الاعلام".
ومن بين الموقعين على النداء الصحفي فوضيل بومالة النائب السابق وحيدر بن دريهم والجامعيون زبير عروس واحسان بشاني وسعيد بوضياف من قدامى محاربي حرب التحرير الجزائرية والناشر وادي بوسعد والجامعي يوسف الاخضر حمينة ابن المخرج السينمائي محمد الاخضر حمينة الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان سنة 1974 عن فيلمه "سنوات الجمر".
تسونامي سياسي
وبدوره ، حذر رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق سيد أحمد غزالي مما وصفه بتسونامي سياسي في الجزائر إذا لم تقم حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتغييرات سياسية.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "الخبر" الجزائرية الجمعة عن غزالي قوله خلال نقاش مفتوح مع مواطنين في مدينة وهران،غرب العاصمة ''إن أحداث تونس ستساهم في إحياء الضمائر وإخراج الجزائريين من حالة القنوط واليأس حيال تغير الأوضاع، وسيعيد الأمل لهم وهو أمر إيجابي في حد ذاته وسيكون ذلك بمثابة تسونامي سياسي''.
واعتبر أن النظام الحالي في الجزائر فشل في إرساء دولة القانون.
وقال غزالي ''لم أكن يوما من المتحمسين للتغيير بالفوضى ولقد حاولت مرارا إقناع المتحكمين في النظام في الجزائر بضرورة التغيير في هدوء ونظام، وهذا النظام قرر عدم التغيير لأنه يظن أن الجزائر محصنة بحكم أنها تشهد يوميا أعمال شغب، لكن أخشى أن يأتي يوم تنتشر فيه التظاهرات بصفة معممة وحينها سيكون تسونامي سياسي".
ومن ناحية أخرى بدا غزالي غير متفائل بمستقبل تونس السياسي قائلا ''أعتقد بأن النظام التونسي يسعى لاستعادة عذريته بمساعدة أمريكية".
وتدعو المعارضة الجزائرية إلى إلغاء حالة الطوارئ المفروضة بسبب العنف المسلح منذ العام 1992، وفتح المجال أمام إنشاء الأحزاب السياسية بكل حرية وأيضا وانفتاح أوسع للمجال الإعلامي.
كما تتهم المعارضة حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بغلق المجال السياسي من خلال ما يسمى بالتحالف الرئاسي الذي يضم ثلاثة أحزاب مشكلة للحكومة ومسيطرة على البرلمان منذ العام 1999.
وكانت الحكومة الجزائرية أصدرت العام 2001 مرسوما يمنع تنظيم المسيرات الشعبية في العاصمة الجزائرية دون غيرها من المحافظات، على خلفية المسيرة الشعبية التي نظمها فصيل معارض في العاصمة وأسفرت عن مقتل صحفيين اثنين وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.
وعزا وزير الدولة الجزائري عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة استمرار الحكومة في منع المسيرات إلى الخطر "الإرهابي" الذي لا يزال يهدد العاصمة، على خلفية التفجيرات الإنتحارية التي وقعت العام 2007 واستهدفت مقر الحكومة والمجلس الدستوري ومكاتب هيئة الأمم المتحدة والتي أودت بحياة العشرات بينهم موظفون دوليون.
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!