الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

الاخباراخبار مصر - اهم الاخبار المصرية › الرابحون والخاسرون بعد سقوط «مرسى»

صورة الخبر: الرابحون والخاسرون بعد سقوط «مرسى»
الرابحون والخاسرون بعد سقوط «مرسى»

* سقط الإخوان، بمد شعبى جارف زلزل أركان عرشهم، قاده شباب «تمرد»، لتعود بسقوط الرئيس المعزول محمد مرسى كثير من الأمور إلى نصابها الصحيح.

انهار الجبروت وفشلت محاولات أخونة الدولة، لتفرز المرحلة كثيراً من الامتيازات لهيئات ووزارات وتيارات، نصفها هنا بـ«الرابحون»، وتسقط الأقنعة عن هيئات وتيارات أخرى تنضم إلى قائمة «الخاسرون».

استفاد القضاء بعودة استقلاليته إليه، برحيل النائب «الملاكى» واستمرار من ناضلوا، وخسر الإخوان ومن حالفهم من 6 أبريل وغيرهم دورهم فى الشارع. نجت القنوات الفضائية والصحف الخاصة والمستقلة من مخطط لإغلاقها والإطاحة بقياداتها، وأفلت الإعلاميون من حملة اعتقالات كانت وشيكة لولا ثورة 30 يونيو، فيما أغلقت قنوات الفتنة والتحريض أبوابها قبل إشعال مصر.

فشل مخطط أخونة وزارة الأوقاف، وأوقف المد الثورى محاولات القضاء على المنهج الوسطى للأزهر والاتجاه بمصر إلى منهج متخلف ومتعصب أعمى لا يفهم من الدين إلا تشدده، ولا يتبع مبدأ «اليسر» فى الدعوة والعلاج. وربح حزب «النور» سياسياً، ولكنه خسر «بعضاً» من جمهوره من الإسلاميين، ممن اختاروا الإخوان.

أُتيحت بعض المكاسب السياسية لجبهة الإنقاذ الوطنى حتى لو لم تكن فى صدارة المشهد الثورى، باعتبارها التجمع الوحيد للكتلة المدنية، وفيما كسبت الكنيسة مبدأ الدولة المدنية، إلا أنها دفعت الثمن، أيام حكم المعزول، من الدم والتهجير.

استعادت بعض الوزارات سيادتها واختصاصاتها، فأصبح من حق وزارة الشئون النيابية والقانونية إعداد التشريعات من جديد، بعدما استُلب منها هذا الحق لصالح وزارة العدل، منذ عهد «أحمد مكى»، الذى أصبح من أكبر الخاسرين، بصمته السابق على إهانة القضاة واختيار جانب سلطة الإخوان.

* برحيل الإخوان عن الحكم وعزل رئيسهم محمد مرسى، خرج القضاء رابحا فى كل المعارك التى خاضها مع النظام الحاكم، وسطع نجم شخصيات قضائية كانت مؤثرة خلال هذا العام، أبرزها المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، والمستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، والمستشار حسن البدراوى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، والمستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق.
فعلى مدار عام كامل من حكم تنظيم الإخوان لمصر، من خلال ممثله محمد مرسى رئيس السلطة التنفيذية، وسيطرتهم على السلطة التشريعية «مجلس الشورى»، دخل الإخوان فى صراعات وأزمات لا تنتهى مع «السلطة القضائية»، فتح النظام أكثر من جبهة فى معركته مع القضاء، بدأت بعد شهور قليلة من وصول الإخوان إلى الحكم، مع المحكمة الدستورية العليا، ثم مع النائب العام، وتارة أخرى مع جموع القضاة بشأن تعديل قانون السلطة القضائية.

كانت أولى معارك نظام الإخوان مع المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، حين أصدر مرسى قرارا جمهوريا بتعيينه سفيرا للفاتيكان، لكن خرج «عبدالمجيد» ليعلن رفضه قبول المنصب الجديد وترك منصب النائب العام، ليضع مؤسسة الرئاسة فى حرج كبير، بعد أن أعلنت عن موافقته على توليه المنصب الدبلوماسى.

ورغم تراجع مؤسسة الرئاسة وسحب قرار تعيين «عبدالمجيد» سفيرا بالفاتيكان، فإن الصراع بين النظام والقضاء كان قد بدأ بالفعل، حيث سبق ذلك قرار جمهورى بإعادة مجلس الشعب للانعقاد، رغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، فيما اعتبر تحديا من الرئيس للقضاء، لكن انتصرت المحكمة لحكمها وأصدرت حكما آخر بإلغاء قرار الرئيس، معتبرة إياه عقبة فى تنفيذ حكمها بحل مجلس الشعب.

وفى 21 نوفمبر 2012 بدأت أم المعارك، عندما أصدر رئيس الجمهورية إعلانا دستوريا، حصّن فيه قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، وكل من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى من الحل، وعزل المستشار عبدالمجيد محمود من منصبه، وقام بتعيين نائب عام آخر هو المستشار طلعت عبدالله، نائب رئيس محكمة النقض ذو الميول الإخوانية.

إعلان مرسى سبق إصدار المحكمة الدستورية العليا لحكمها فى دعوى بطلان «مجلس الشورى» و«تأسيسية الدستور» بأسبوعين، حيث كان محددا لهما جلسة 2 ديسمبر 2012، ونفذه تنظيم الإخوان، من خلال حشد أنصاره بالشوارع فى مظاهرات تأييد «الإعلان» أمام دار القضاء العالى، والاحتشاد لمساعدة النائب العام الجديد فى دخول مكتبه فى جنح الليل وسط حراسة أفراد من الحرس الجمهورى وميليشيات الإخوان، كما بدأ أنصاره فى المبيت أمام المحكمة الدستورية العليا والاعتصام ليلة 2 ديسمبر لمنع قضاة المحكمة من الدخول والفصل فى دعاوى بطلان «الشورى والتأسيسية».

استمر الاعتصام أمام المحكمة إلى حين تم الاستفتاء على الدستور فى أواخر ديسمبر وتحصين «مجلس الشورى» من الحل، وإقصاء عدد من قضاة المحكمة الدستورية العليا بعد النص على تقليص عدد أعضائها إلى 11 قاضيا، ليخرج بموجب هذا النص 7 قضاة أشهرهم المستشارة تهانى الجبالى والمستشار حسن البدراوى، وكلاهما وقف فى وجه الرئيس المعزول محمد مرسى رافضين عدم إذاعة وبث أدائه القسم الدستورى أمام الجمعية العمومية للمحكمة وهو ما رضخ له «مرسى».

أمام هذه الاعتداءات كان للقضاة قول آخر، فعلى صعيد أزمة النائب العام اتخذ «عبدالمجيد محمود» الطرق القانونية بالطعن على قرار إقالته وبطلان تعيين «طلعت»، كما تشكلت لجنة من نادى القضاة للدفاع عن استقلال القضاء، وخاض المستشار أحمد الزند، رئيس النادى، معارك مع مجلس القضاء الأعلى والنظام الحاكم، استطاع فى النهاية أن يربحها وينتصر.

وحصل «عبدالمجيد» على حكم من دائرة طلبات رجال القضاء بعودته إلى منصبه نائبا عاما مع بطلان تعيين «طلعت»، لكن حال عدم استلامه الصيغة التنفيذية للحكم من تنفيذه، حتى صدر فى 2 يوليو حكم نهائى من محكمة النقض بتأييد حكم الاستئناف واعتبار الإعلان الدستور منعدما، وعودة «عبدالمجيد» إلى منصبه، وإعادة «طلعت» للعمل بمحكمة الاستئناف بدلا من «النقض».

أيضاً المحكمة الدستورية العليا، كانت أحد أكبر الرابحين بعد سقوط الإخوان، فالمحكمة التى حوصرت من قبل تنظيم الإخوان برعاية رئاسية، شاء القدر أن ينصفها ويكون رئيسها، المستشار عدلى منصور، هو رئيس الجمهورية المؤقت بعد ثورة 30 يونيو، إضافة إلى إمكانية إعادة أعضائها المستبعدين بعد تعطيل العمل بدستور الإخوان، وترشيح أحد قضاتها المستبعدين، وهو المستشار حسن البدراوى، لمنصب وزير العدل فى الحكومة الانتقالية، وصدقت كل توقعات تهانى الجبالى بسقوط نظام مرسى الذى داس القانون والدستور.

على صعيد نادى القضاة، كان المستشار أحمد الزند يقف بالمرصاد لمحاولات «أخونة القضاء» من خلال تمرير تعديلات قانون السلطة القضائية المقدمة من أحزاب «الحرية والعدالة والبناء والتنمية والوسط»، والتى تضمنت خفض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاما بدلا من 70 عاما، فى مذبحة كانت ستطيح بحوالى 3500 قاضٍ من جميع الهيئات القضائية، كان للقضاء العادى النصيب الأكبر فيها.

وقف «الزند» ومعه شباب القضاة وأعضاء النيابة العامة فى وجه هذا المشروع -الذى وصفه رئيس نادى القضاة فى أكثر من مرة بـ«المشبوه»- حتى استطاعوا تجميده فى مجلس الشورى، وإسقاطه نهائيا بسقوط النظام ورحيل الإخوان عن الحكم.

ويعتبر القضاة انتصارهم فى معركتهم انتصارا للشعب المصرى قبل أن يكون انتصارا خاصا بهم، كما يقول المستشار محمد عبدالكريم، عضو مجلس إدارة نادى قضاة المنوفية: «المكسب الذى تحقق للقضاء هو مكسب للشعب المصرى، حيث أصبح القضاء مستقلا لا يتدخل أحد فى شئونه، كما تم إلغاء قرارات الضبط والإحضار التى صدرت من المستشار طلعت عبدالله بدون محاضر ضبط أو استدلال».

أما المستشار عبدالله فتحى، وكيل أول نادى القضاة، فيقول: «إن من ثبت على مبدأه ورضا ضميره هو من ربح، والرابح الأكبر هو الشعب المصرى الذى تحرر من الاحتلال الإخوانى، وقد كان الشعب ذكيا وقرأ ما بين السطور، حينما أعلن القضاة عن غضبتهم وإعلانهم الاعتصام بمقر ناديهم اعتراضا على الهجوم والاعتداءات التى يتعرض لها من الإخوان والنظام الحاكم».

ويضيف فتحى: «القضاة والشباب هم جذوة ثورة 30 يونيو، فالقضاة أسبغوا الشرعية القانونية على توكيلات حركة «تمرد» التى كانت سببا فى احتشاد ملايين المصريين بالشوارع لإسقاط نظام الإخوان، والشباب كانوا فى المقدمة..».

* أفرزت 30 يونيو وجوها جديدة على الساحة السياسية وأظهرت جيلا جديدا أعلن تمرده على نظام الإخوان ونجح فى جمع أكثر من 22 مليون توقيع أسقط بهم محمد مرسى وحكم الإخوان فى مدة قليلة جدا لا تتجاوز 3 أشهر. هذا الجيل فرض نفسه بقوة على الساحة السياسية واستطاع أن يكسب تأييد طائفة كبيرة من الشعب، لتكون حملة تمرد أول الفائزين فى الموجة الجديدة من الثورة، بعد أن حازت فى مدة قليلة كثيرا من المؤيدين فى الشارع لأفكارهم وقراراتهم ومتابعين لموقعهم الإلكترونى وفعالياتهم خلال الفترة الماضية،

كما تستعد الحملة لإطلاق صحيفة يومية تعبر عن أفكارهم لتصبح، حسب تأكيدات عمرو بدر، رئيس تحرير الموقع الإلكترونى لتمرد، الذى قال فى تصريحات لـ«الوطن»، إنهم يستعدون لإطلاق جريدة يومية جديدة لتعبر عن جيل جديد من الشباب، بالإضافة إلى وكالة أنباء فى المستقبل القريب إذا استطاعوا توفير رأس المال، مشيراً إلى أنهم فى إطار البحث عن تمويل وطنى للجريدة سواء بالاكتتاب الشعبى العام أو من رجال أعمال وطنيين مصريين.

وأكد محمد هيكل، عضو اللجنة المركزية لحملة تمرد، لـ«الوطن» أن المكسب الحقيقى للشباب هو نجاح ثورة الشعب وإسقاط نظام الإخوان والبدء فى السير فى الطريق الصحيح بدلا من المسار الخاطئ ووضع دستور جديد ثم إقامة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مشيراً إلى أن 30 يونيو نجحت فى إفراز وجوه جديدة شبابية وجيل جديد من الشباب الذى يبحث عن تحقيق أحلام وطموحات الشعب، مشيراً إلى أنهم نجحوا فى رجوع الثقة للشباب مرة أخرى والتأكيد أن شباب الثورة دائما ما تكون لهم رؤية مستقبلية صحيحة ولديهم الدوافع والقدرة لتحقيق مطالب الشعب.

ولم تكن تمرد هى الفائزة وحدها بل فاز أيضا عدد كبير من الحركات الشبابية والثورية منها التيار الشعبى والجبهة الحرة للتغيير السلمى وشباب من أجل العدالة والحرية واتحاد شباب الثورة وتحالف القوى الثورية وعدد آخر من القوى التى قادت المواجهة مع نظام الإخوان منذ توليه وشكلت اللجنة التنسيقية لـ30 يونيو وجبهة 30 يونيو.

وقال مصطفى شوقى، عضو اللجنة التنسيقية لـ30 يونيو، إن القوى الشبابية نجحت فى إعادة تجميع نفسها فى مواجهة نظام الإخوان من خلال كيانات جديدة استوعبت درس الانشقاقات والتفكك الذى ضربها فى أعقاب تنحى مبارك فى فبراير 2011، مؤكداً أن قرار بعض الكيانات الثورية تدعيم الدكتور محمد مرسى فى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية كان بغرض الحفاظ على ما تبقى من الثورة خوفاً من ضياعها تماماً على يد الفريق أحمد شفيق، مشيراً إلى أن القوى الثورية وضعت شروطا لنظام مرسى لاستمرار الدعم وهو ألا يضع يده مع فلول مبارك، ولكنه بات فى عام نسخة مكررة من نظام مبارك سواء بالتصالح مع رجال الأعمال أو التغاضى عن حقوق الشهداء، وعليه فبات دعم هذا النظام خيانة عظمى.

* «يا جبل ما يهزك ريح»، مقولة تتحقق أمام عينيك، إذا نظرت إلى الأزهر الشريف، فقد ظل شامخا أمام الرياح العاتية منذ مئات السنين، أخطرها العام الماضى، حيث قاوم الأزهر ببسالة كل محاولات الأخونة، رغم السيل العرم من محاولات تشويه رموزه فى عهد الرئيس المعزول «مرسى»، والإساءات البالغة لشيخه، الدكتور أحمد الطيب، وعلماء الأزهر الأجلاء.

ظهرت مضايقات تنظيم الإخوان لشيخ الأزهر مبكرا، مع اللحظات الأولى لتولى محمد مرسى، فعندما ذهب «مرسى» إلى قاعة المؤتمرات الكبرى بجامعة القاهرة لإلقاء كلمة بمناسبة فوزه بانتخابات الرئاسة، تمت دعوة الشخصيات العامة والقوى السياسية وأسر الشهداء، وحضر «الطيب» لكنه انصرف قبل بدء كلمة الرئيس اعتراضا على عدم تقدير الأزهر وكبار علمائه من جانب إدارة المراسم، حيث تم إدراج أسمائهم على المقاعد الخلفية للقاعة، بعدها رفض «الطيب» تلبية معظم دعوات الرئيس، باستثناء مرات محدودة، كما رفض شيخ الأزهر حضور خطاب «مرسى» قبل الأخير، وذهب إلى بلدته لقضاء إجازة وسط أسرته بالأقصر.

«شيخ الأزهر ليس موظفا ولا وزيرا أو سياسيا»، كما يوضح الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر، وإنما «رمز دينى له احترامه ولا يمكن أن يلبى كل الدعوات التى تصله، فهو لا يمارس السياسة، وإنما يقف على رأس مؤسسة عريقة مستقلة، تعمل من منطلق وطنى ودينى وليس لها أية حسابات أو مصالح».

ازدادت حدة الصراع بين تنظيم الإخوان والأزهر حينما رفض مجمع البحوث الإسلامية مشروع الصكوك الذى تقدم به الإخوان عن طريق ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، كما رفضته هيئة كبار علماء الأزهر، وأوضحت أن المشروع المقدم يشكل تهديدا للأمن القومى، ويخالف شرع الله فى كثير من جوانبه، ما أوقع الإخوان فى حرج بالغ، لدرجة أنهم تنصلوا من المشروع وبعدها قاموا بإجراء عدة تغييرات عليه بناء على طلب الأزهر، ثم أخذتهم العزة بالإثم ورفضوا عرض مشروع الصكوك فى شكله الأخير على الأزهر للاطمئنان عليه من الناحية الشرعية، وتقدموا به فى مجلس الشورى إلى رئيس الجمهورية مباشرة لإقراره وقاموا بالترويج بأن الأزهر وافق على المشروع وهو ما أثار استياء شيخ الأزهر، فعقد على الفور اجتماعا طارئا لهيئة كبار العلماء لنظر مشروع الصكوك فى شكله الأخير، ولتفعيل النص الدستورى الذى يقضى بأحقية الأزهر فى إبداء الرأى فى كل الأمور التى تتعلق بالشريعة، وأرغم هذا التطور رئيس الجمهورية على إصدار قرار بإرسال مشروع الصكوك للأزهر، وكانت النتيجة أن الهيئة حذفت مادتين تتعلقان بإصدار صكوك على أموال الوقف واعترضت على ثلاث مواد من المشروع تم تعديلها بما يتوافق مع الشريعة.

فى هذه الأثناء قام «الطيب» بجولة خارجية زار خلالها دولة الإمارات العربية لتسلم جائزة مؤسسة الشيخ زايد للكتاب، باعتباره شخصية العام الثقافية عربيا، ومن باب التكريم له أصدر رئيس الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، قرارا بالإفراج عن 103 سجناء مصريين، وصرف منحة للأزهر، وهو ما أثار غضب التنظيم بعد فشل مفاوضات «مرسى» مع الإمارات فى الإفراج عن أعضاء التنظيم الإخوانى السرى هناك، فأعطى الإخوان تعليمات لطلابهم فى جامعة الأزهر باستغلال واقعة التسمم بالمدينة الجامعية، للمطالبة بإقالة شيخ الأزهر ورئيس الجامعة والاعتصام داخل المشيخة بعد اقتحامها.

«النظام حارب الأزهر ورموزه، وحاول تصفية حساباته مع الإمام الأكبر على خلفية ميليشيات الأزهر التى وقعت منذ سنوات بجامعة الأزهر، لكن الأزهر انتصر فى نهاية الأمر لأنه يعمل من منطلق وطنى ودينى وليست له مآرب دنيوية أو مطامع حزبية»، هكذا يصف الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، العلاقة بين الأزهر والإخوان، ويختم بقوله: «كم من الحكام جاروا على الأزهر وماتوا وبقى الأزهر شامخا».

الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، يرى أن الأزهر صدح بكلمة الحق فى وجه الحاكم، يقول: «الإخوان حاولوا السيطرة على الأزهر وكانوا يعدون الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، أو الدكتور عبدالرحمن البر لتولى مشيخة الأزهر مكان الطيب».

«حاولوا اختراق الأزهر من خلال منصب رئيس الجامعة، وقاموا من خلال أعضاء هيئات تدريس وطلاب بالضغط لإجراء انتخابات على المنصب فى ظل واقعة التسمم، واستعدوا للدفع بالدكتور عبدالرحمن البر لخوض الانتخابات وبدأوا فى التربيطات، إلا أن قانون الأزهر وقف حائلا لأنه لا يسمح بإجراء انتخابات»، كما يؤكد كريمة.

ويربط «كريمة» بين رفض الشيخ «الطيب» حضور مؤتمر استاد القاهرة، ورفضه دعوات التكفير التى أطلقها أعوان «مرسى» على المعارضة فى المؤتمر، يضيف: «أصدر شيخ الأزهر فتوى تبيح الخروج على «مرسى» 30 يونيو، بعدما كفّر الإخوان والسلفيون من يخرج فى ذلك اليوم، وهو كان أكبر تحدٍ للإخوان ونظامهم الحاكم».

* يعد الأقباط من أكثر فئات المجتمع الرابحة من سقوط نظام «مرسى» والإخوان، خاصة أن الكنيسة المصرية لم تشهد عهداً أراد القضاء على الأقباط بعد عهد عباس حلمى الأول، الذى سعى لتهجيرهم إلى السودان، أكثر من عهد الإخوان.

وبحسب إحصائية أعدها الكاتب والباحث سليمان شفيق، ألم بالأقباط خلال عام من حكم الإخوان 43 حادثاً طائفياً، قتل خلالها (60) وجرح (918) مواطناً قبطياً، وتم الاعتداء الجزئى أو الكلى على (24) كنيسة، وهُجر قسرياً (124) أسرة لم يعد منها سوى (43) أسرة حتى الآن، وجرى ازدراء الديانة المسيحية (14) مرة من جانب الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، كان آخرها فتواه الشهيرة لسائقى سيارات الأجرة بعدم توصيل القساوسة للكنائس، وكلها فتاوى موثقة فى موقعى «أنا سلفى» و«السلف»، وكذلك حرق الداعية المعروف بـ«أبوإسلام» للإنجيل. ولم يحاكم «برهامى» على فتواه المحرضة، بل تمت مكافأته باختياره ضمن أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور.

وفى الوقت الذى لم يحبس فيه «أبوإسلام» سوى ليلة واحدة، أفرج عنه بعدها بكفالة، أدين فى محاكمات عاجلة (12) مواطناً قبطياً، بينهم طفلان، بتهمة ازدراء الدين الإسلامى، إلى جانب سلسلة التصريحات المعادية للأقباط من قيادات الإخوان مثل خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، الذى قال إن 80% من المتظاهرين أمام قصر الاتحادية من الأقباط، واتهامه الأقباط بدعم مجموعات «بلاك بلوك». وكذلك اتهام الدكتور عصام الحداد، مستشار الرئيس للشئون الخارجية، الأقباط بأن لديهم أسلحة، وأنهم لجأوا للعنف لحماية الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، التى تعرضت لأول اعتداء فى تاريخها خلال فترة حكم الإخوان. كما مارس الإخوان الإقصاء بكافة صوره ضد الأقباط، عدا تعيين اثنين من الأقباط فى مؤسسة الرئاسة، تركا منصبيهما بعد أن ثبت لهما أن دورهما ديكورياً فى القصر الرئاسى، ولم يحظ الأقباط سوى بحقيبة وزارية واحدة فى حكومة الإخوان.

ربحت الكنيسة المصرية بإزاحة نظام حاول التنكيل والاعتداء عليها بكل الطرق، وهمش دورها، وسعى لتحويل مصر إلى دولة دينية، وعودة الأمل فى صياغة دستور توافقى جديد بديلا عن دستور 2012 الذى تراه دستوراً طائفياً، لذلك انسحبت من صياغته قبل إقراره.

ربحت الكنيسة حين جلست على طاولة القوات المسلحة تشارك فى صنع خارطة الطريق لنظام الحكم فى مصر، ما منحها شعوراً بأن مصر تشهد بناء دولة مدنية يختفى فيها الاحتقان الطائفى وتتراجع نبرة الاعتداء على الأقباط والكنائس.

وفى المقابل، يلفت الكاتب والباحث سليمان شفيق إلى أن أرباح الكنيسة من سقوط الإخوان بنفس مقدار أرباح باقى القوى الاجتماعية والسياسية فى البلاد، بينما يدفع الأقباط -بصفتهم الدينية- ثمن سقوط الإخوان فى الوقت نفسه، مشيراً إلى أنه منذ الثلاثين من يونيو الماضى تم الاعتداء على 8 كنائس، وقتل 9 أقباط، من بينهم قس يشغل منصب سكرتير أسقف شمال سيناء، فضلاً عن رفع شعارات طائفية فى مواجهتهم، ومنها «يادى الذل ويادى العار، النصارى بقوا ثوار».

* بعد سقوط الرئيس المخلوع محمد مرسى ونظامه الإخوانى وإزاحة حكم ديكتاتورى كان يستهدف قمع جميع الأصوات، تنفس الإعلام -من قنوات وصحف مستقلة- الصعداء، بعد سقوط مخطط التنظيم بهم لتمكين حكم الفاشية الدينية، التى تقيد الحقوق والحريات العامة، بالزعم كذباً أنها تخالف صحيح الشرع والدين وتنتقد الحاكم وتثير الفتنة.

دأب الرئيس المعزول وتنظيمه الفاشى على محاصرة وسائل الإعلام والتهديد المباشر وغير المباشر لرموزها فى مصر، بل حاصر الإخوان -وعلى رأسهم عصام العريان ومحمد البلتاجى- مدينة الإنتاج الإعلامى، وتعدوا على الإعلاميين وكسروا سياراتهم، كما حدث مع الكاتب الصحفى والإعلامى خالد صلاح وآخرين. ثم جاء «أبوإسماعيل» وأتباعه ليحاصروا القنوات الفضائية مرة أخرى، ويعلنوا استهدافهم لشخصيات إعلامية بعينها، وعلى رأسهم إبراهيم عيسى ولميس الحديدى، بالاتفاق مع الرئيس المعزول وبمباركة الإخوان.

وبعد انتهاء حالة التخويف والترهيب التى استمرت قرابة العام، ربح الإعلام الخاص والقنوات الفضائية والصحف المستقلة من زوال حكم الرئيس الفاشى، الذى أراد أن يحكم مصر بغير صحيح الدين، ويعود بالبلاد إلى مرحلة الرجعية وتكميم الأفواه، فقد نجت القنوات الفضائية، وعلى رأسها قنوات «سى بى سى ودريم وأون تى فى» وغيرها من قرار الإغلاق، الذى كان معدا وجاهزا بالفعل من قِبل وزارة الاستثمار وبقرار من النائب الخاص، وأيضاً إغلاق عدد من الصحف المستقلة، وعلى رأسها «الوطن» عقب خلق حالة من الترويع والتهديد لمحررى الجريدة واستهدافها بالحرق أكثر من مرة.

فى خطابه قبل الأخير، هدد المعزول مرسى كلا من الدكتور أحمد بهجت، صاحب قناة دريم، ورجل الأعمال محمد الأمين، صاحب قناة سى بى سى، بل وخرجت لهما قرارات على الفور بمنعهما من السفر، لولا أن جاءت ثورة 30 يونيو المباركة وأطاحت بهذا الرئيس الكابوس الذى ظل جاثما على البلاد عاما كاملا، تراجعت فيه مصر اقتصاديا وسياسيا فربح «الأمين وبهجت» وآلاف الشرفاء، وخسر «مرسى» و«الإخوان»؛ لأنهم لم يكونوا فى يوم على حق يعملون من أجل مصلحة مصر، ودأبوا على تلفيق الأكاذيب والقضايا لمن اختلفوا معهم فى الرأى والفكر، تمهيدا للبدء فى حملة اعتقالات موسعة لأصحاب الفكر والرأى وعدد من رموز الإعلام.

وفى نفس الخطاب، تناول «المعزول» عددا من الإعلاميين والصحفيين بالتلميح أو التصريح، ومنهم وائل الإبراشى وإبراهيم عيسى ولميس الحديدى ومكرم محمد أحمد وأكد أن عاماً من الانتقاد كفاية، وهو ما يعنى أنه ضاق ذرعا بالإعلام وسيبدأ فى حملة اعتقالات معدة سلفا بقوائم الإعلاميين والصحفيين، وكان قد بدأ بالفعل فى اليوم التالى لهذا الخطاب المشئوم أن يتخذ خطوات فى هذا الإطار عندما أرسل إنذارا لعدد من القنوات الفضائية بالإغلاق إن لم تعدل من رسالتها الإعلامية بل تجرأ فى اليوم التالى وبادر بإغلاق قناة الفراعين وسعى جاهدا للقبض على الإعلامى توفيق عكاشة الذى استطاع الهروب من المدينة عقب أن أصدر النائب الخصوصى قرارا بضبطه وإحضاره، لقد ربحت لميس الحديدى وربح إبراهيم عيسى ووائل الإبراشى وعمرو أديب ومصطفى بكرى وتوفيق عكاشة وخيرى رمضان ومكرم محمد أحمد ويوسف الحسينى وباسم يوسف وجابر القرموطى من سقوط «مرسى»، ونجوا جميعا هم وغيرهم من مقصلة كانت جاهزة للتنكيل بهم لو أن الزمن تأخر قليلا ولم تحقق ثورة 30 يوينو أهدافها على هذا النحو، وكانت قرارات الضبط والإحضار معدة لدى النائب الخاص الذى قرر البدء بتوفيق عكاشة والتهمة جاهزة وهى الإساءة إلى رئيس منتخب وتكدير السلم والأمن العام كما حدث مع الناشط أحمد دومة وتم الحكم عليه بـ6 أشهر سجنا.

وربحت أيضاً نقابة الصحفيين التى دأبت طوال عام تولى فيه «مرسى» الحكم فى الحصول على حقوق الصحفيين وحرياتهم ولم تستطع النقابة أن تحقق شيئاً فى هذا الملف، بل حاولت أيضا أن تصدر قرارا بقانون أو مادة فى الدستور الإخوانى بمنع الحبس فى قضايا النشر ولم تستطع؛ فالمؤكد أن الصحفيين تنفسوا الصعداء بسقوط هذا النظام المكبل الحريات، الذى يضيق ذرعاً بالنقد والرأى الآخر والذى اتُّهم عدد من قياداته بقتل الصحفيين ومنهم الحسينى أبوضيف.

وربحت جريدة «الوطن»، التى قادت التغيير قبل 30 يونيو ودفعت مقابل ذلك تهديدات بالقتل لرئيس تحريرها ومديرى التحرير ورؤساء الأقسام والمحررين، ولم ترفع يوماً راية الاستسلام، كما نجا عدد من الكتاب والصحفيين ممن لم يحتمل «مرسى» انتقادهم وبادر شخصيا برفع دعاوى قضائية ضدهم باسمه وباسم رئاسة الجمهورية، ومنهم: جمال فهمى وباسم يوسف وجابر القرموطى وخالد صلاح ومحمود سعد وجيهان منصور وغيرهم، ونجوا جميعا وغرق «مرسى» وسفينته؛ لأنه ببساطة لم يكن ربانا ماهرا، بل دأب على شق الصف وتمزيق المجتمع وتمكين تنظيمه، فخسر كل شىء وربح الإعلام والصحافة، بل ربحت مصر كلها عندما استردت حريتها وكرامتها ونجت من يد تنظيم محتل كان يعمل لمصالحه الخاصة دون النظر لأى اعتبارات أخرى.

يقول الإعلامى وائل الإبراشى: إن ثورة 30 يونيو استطاعت أن تنجو بالإعلام من براثن التنكيل والإطاحة والحبس لعدد من الإعلاميين، خاصة أن الإعلام هو صاحب الدور الأساسى فى الإطاحة بالإخوان، مضيفا لـ«الوطن» أنه إذا كانت ثورة 25 يناير بدأت بالإنترنت، فإن ثورة 30 يونيو بدأت بالإعلام، وانطلقت من على الشاشات، لدرجة أن «مرسى» فى خطابه الأخير خص الإعلام بأكبر كم من الهجوم، كما أن الإعلام ربح من سقوط «مرسى» بأنه حصل على «بوليصة تأمين» من الاعتقال وإغلاق القنوات؛ حيث إن الإخوان كانوا يخططون لاعتقال الإعلاميين وإغلاق القنوات بتهم التآمر، وهى اتهامات كانت معدة وجاهزة لو فشلت «30 يونيو».

وأضاف «الإبراشى» أنه لو استمر الأمر أكثر من 7 أيام دون سقوط «مرسى» كان سيُعتقل، وأن «مرسى» خصه بالذكر 4 مرات، مرة عندما أجرى حواراً مع المهندس نجيب ساويرس حين قال بالحرف الواحد: «واحد هربان من الضرايب يروح يجيبله مذيع يدافع عنه»، ما أكد لـ«الإبراشى» أن حوار «ساويرس» سبب إزعاجاً للرئيس المعزول وألماً من سرد الحقائق. ويضيف: «خصنى الرئيس مرسى بالذكر فى خطابه قبل الأخير 3 مرات، وذلك تعقيباً له على حوار أجريته مع محمد دحلان؛ حيث قال (إعلامى يجيب دحلان يشتم فى الشعب المصرى)، وأيضا فى حلقة أجريتها عن رد القضاة ضد محمد مرسى الذى وصفهم بـ(الرقاصين والطبالين)، فرد القضاة: (إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص)».

وتابع: «بالإضافة إلى تعقيبه على حوارى مع أحمد شفيق، عندما قال إن اللى يروح لشفيق ويعمل معاه حوار هو خارج عن القانون، بجانب ما ذكره لى الزميل مصطفى بكرى عن أن مرسى قال بالحرف الواحد لرجال الأعمال: (الواد أبو شعر أبيض ده مش هسيبه)، وبالتالى على المستوى الشخصى يبدو أن محمد مرسى كان يستهدفنى بشكل شخصى، بسبب هجومى عليه وعلى الإخوان، وبالتالى على المستوى الشخصى يمكن أن أقول إن سقوط مرسى وتنظيمه كان طوق إنقاذ لى من الاعتقال والتنكيل والقمع وربما الاختطاف، وكان طوق إنقاذ أيضاً لكل وسائل الإعلام والإعلاميين».

* تدفع أحداث 30 يونيو وما بعدها إلى التساؤل حول مصير الحركات الإسلامية فى مصر؛ فبعد نجاح الثورة الثانية خسرت التيارات الإسلامية أرضيتها الدعوية التى كسبتها طوال عشرات السنوات الماضية فى سنة واحدة من السياسة بعدما تحولت إليها ووجهت خطابها إما للتحريض وإما للتأييد بعيداً عن الكتاب والسنة.

على رأس تلك الحركات جماعة الإخوان؛ فمنذ تأسيسها عام 1928 وحتى ثورة يناير 2011 لم تكن تحلم طوال مشوارها أن يحدث لها هذا التحول الجذرى فى مسارها السياسى، فحصل الإخوان فى أول استحقاقات ثورة يناير الانتخابية على 47% من مقاعد البرلمان، ثم يأتى النصر الأكبر بفوز مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية محمد مرسى، وسعت لتمرير دستورها وتمكين أعضائها من مفاصل الدولة، لتحصد فى نهاية عامها الأول انخفاضا فى شعبيتها بنسبة 80%، وفشلا ذريعا فى إدارة الدولة؛ فهذه الشعبية التى خسرها الإخوان فى عام حكمهم الأول لن يتمكنوا من استرجاعها على مدار السنوات المقبلة.

كذلك خسر رموز الجماعة وحزب الحرية والعدالة شعبيتهم كـ«محمد بديع» الذى تحول من المرشد العام للإخوان المحظوظ، بعد أن وصلت فى عهده الجماعة إلى سدة الحكم بعد نضالها لعقود، إلى مرشد لجماعة تتنفس أنفاسها الأخيرة بعد أن لفظها المجتمع وانقض على حكمها، بعد اعتقاد الكثير من المصريين أنه الحاكم الفعلى للبلاد وليس «مرسى»، أما خيرت الشاطر، نائب المرشد رجل الاقتصاد القوى فى الجماعة، فيراه الكثيرون داخل الجماعة العقل المدبر لاستراتيجيتها وخططها، ويعود مجددا بعد أن أصبح أحد أبرز الوجوه المصرية إلى «مطلوب للعدالة».

كذلك حزب الوسط المحسوب على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، الذى له علاقة تاريخية بالإخوان؛ حيث خرج من عباءة الجماعة وينتمى إليها فكريا وأيديولوجيا، خسر رجاله الكثير، وعلى رأسهم أبوالعلا ماضى وعصام سلطان ومحمد محسوب.

أما الجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية فتعد الخاسر الأكبر فى الأحداث بعد ملاحقة قياداتها قانونياً بعد التحريض الصريح على المتظاهرين، على رأسهم الشيخ عاصم عبدالماجد وصفوت عبدالغنى وطارق وعبود الزمر ونصر عبدالسلام، وتحاول الجماعة الإسلامية توحيد القوى الإسلامية تحت راية واحدة هى راية جماعة المسلمين من أجل الخروج من هذه الأزمة التى كانت وما زالت العقبة الكئود فى طريق عودة الخلافة، وأعلنت الجماعة أن التصور لهذا الكيان الجديد يكون بتشكيل مجلس شورى أعلى من جميع الجماعات الموجودة على الساحة يجمع كلا من مجلس شورى الجماعة الإسلامية ومجلس شورى جماعة الإخوان ومجلس شورى جماعة الجهاد ومجلس شورى الجماعة السلفية ومجلس شورى جماعة التبليغ والدعوة.

ومن الأحزاب والشخصيات التى خسرت وذهبت فى «الرجلين» حزب «مصر» الذى يترأسه الداعية عمرو خالد الذى ظل لسنوات يغازل الجماهير قبل الثورة بأنه داعية ولا يجب أن يكون له دور سياسى حتى استولى الإخوان على السلطة فظهر وجه الرجل الحقيقى بإنشائه حزبا سياسيا ليدعم الإخوان ويعلن وقوفه بجانب مكتب الإرشاد والجماعة التى صارت محظورة الآن وبذلك يكون قد انضم الحزب إلى الأحزاب الدينية المطلوب حلها وحظرها.

من جانبه، قال أحمد زغلول، باحث فى شئون الحركات الإسلامية: إن الخاسر الأكبر من حكم الإسلاميين هو «الصورة الذهنية» التى ترسخت فى العقل المصرى بعد حوادث العنف التى ارتبطت بقطاعات إسلامية؛ حيث رأتهم الجماهير فاشلين فى الحكم ومثيرى بلطجة ومعتدين يسفكون الدماء من أجل عودتهم للحكم، وهذه الصورة الذهنية ستؤثر بلا شك فى النظرة إلى الأحزاب «الإسلامية» عامة؛ فهى إما دموية كـ«البناء والتنمية» وإما عميلة للغرب كـ«الحرية والعدالة» وإما انتهازية كـ«النور»، وبالتالى ستفقد جزءا كبيرا من المتعاطفين معها فى أى انتخابات. وأضاف لـ«الوطن»: تظل التحديات الكبيرة التى فرضتها الممارسة السياسية على الإسلاميين عامة هى ضرورة فتح باب النقاش الجدّى حول الديمقراطية والحريات العامة والتعددية الدينية والسياسية، وتطوير رؤيتهم للحريات الفردية والأقليات والفنون والمرأة، وهنا سيتضح هل هناك إمكانية لتكرار السلفيين نفس مواقف وخطى الإخوان أم سيظلون أسرى لتراثهم الفقهى الطويل «لو تحب تعدل بما يتفق مع رؤيتك الشخصية للموضوع فلا مانع ولو تريد التركيز على نقطة بعينها فلا مانع».

وحول مصير السلفيين قال «زغلول»: «سيكون لهم خسارة مصداقية وخسارة كتلة مؤيدة وتضييق أمنى لو حدث تضييق على الإخوان، بمعنى أنه فى حالة استقرار الأمر وتمت حملة أمنية على الإخوان المسلمين فبالتالى سوف تتعرض الكيانات المؤيدة لتضييقات أمنية من سلفية القاهرة وشيوخها «عبدالمقصود وفوزى» والجماعة الإسلامية، وما حدث مؤخراً إشارة إلى ما قد يواجه الداعمين لـ(مرسى)».

وأوضح «زغلول» أن الجماعة الإسلامية خسرت الصورة الذهنية المعتدلة لدى جمهورها الذى أعطاهم 11 مقعدا بسبب تهديدات الشيخ عاصم عبدالماجد الدموية، وصمت شيوخ الجماعة وقولهم إن «عاصم» حالة خاصة، لكن الموقف العام كان مؤيدا له.

وقال الشيخ أسامة القوصى، شيخ السلفية المدخلية: إن الأحزاب الدينية هم الخاسر الأعظم؛ فهم خسروا مصداقيتهم ودعواهم أنهم أهل دين والناس فرقوا بينهم وبين دين الله وسنة الرسول، وأكد «القوصى» لـ«الوطن»، أن الشعب أدرك أن تلك الجماعات عصابات إجرامية إرهابية متطرفة تتاجر بدين الله لمصالحها الخاصة.

ونصح «القوصى» الجماعات الإسلامية بالعودة إلى الدعوة لله وترك السياسة إلى الأبد، مضيفاً: «من الواضح أن تلك الجماعات أبعد ما يكون عن التوفيق ويخرجون من مطب لمنزلق خطير ويختارون أسوأ الاختيارات ويقدمون أسوأ ما عندهم وخسروا رصيدهم فى الشارع».

وتقدم الشيخ محمد الظواهرى، زعيم السلفية الجهادية، باقتراح لحل الأزمة الخاصة بالإسلاميين تشمل تنحية «مرسى والإخوان المسلمين» عن سدة الحكم مقابل إيقاف حملة الملاحقات الأمنية وإخلاء سبيل جميع المحتجزين وتطبيق شرع الله كاملا مباشرة والإقرار بأن السيادة لله وحده وشرع الله يعلو ولا يعلى عليه.

* خرجت وزارة الأوقاف من عباءة الأزهر الشريف، لم تعد منبراً للوسطية والاعتدال، وصارت فى عيون كثير من الدعاة فرعاً لقسم الدعوة بمكتب الإرشاد، بعدما اعتلى محمد مرسى عرش مصر، وشهدت الوزارة أكبر عملية أخونة على مستوى الوزارات، على يد الدكتور طلعت عفيفى وزير الأوقاف السابق ونائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، والوكيل العلمى للجمعية الشرعية.

بدأ المخطط باستعانة «مرسى» بالدكتور عفيفى لتولى حقيبة الأوقاف، بتوصية من بعض التيارات السلفية، وزكّى المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد، الطلب، باعتباره عضواً فى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح. وعلى مدار عام مضى انسلخت وزارة الأوقاف عن جلدها وتلونت، وأصبحت مرتعاً للمتشددين وبوقاً لأفكارهم المتطرفة، فاغتصبت المساجد واستخدمت فى الدعاية الانتخابية، كما حدث فى الترويج للدستور، فضلاً عن تأييد النظام الحاكم.

ولا يخفى على أحد أن الوزارة شهدت أكبر عملية إقصاء لأكثر من 300 قيادة دعوية وإدارية بالديوان والمديريات، بدعوى انتمائهم للنظام السابق، وتجديد دماء الدعوة، واستبدلت عناصر إخوانية بهم، من داخل وخارج الوزارة، كما استعان الوزير بأكثر من 10 شخصيات من خارج الوزارة، رشحهم مكتب الإرشاد، وأبرزهم الدكتور ماهر جلبط، رئيس قطاع الخدمات، والدكتور محمد الأنصارى، مدير مكتب الوزير، ثم جاء الوزير بالشيخ سلامة عبدالقوى «الإخوانى» للعمل كمستشار إعلامى، رغم توقيع بعض الجزاءات عليه، وضم الدكتور جمال عبدالستار، عضو مجلس شورى الإخوان، لتولى وكيل الوزارة لشئون الدعوة، والدكتور صلاح سلطان، القيادى الإخوانى، لتولى منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية. ولم يكتف «عفيفى» بذلك، بل جاء فى بادئ الأمر بالدكتور محمد الصغير، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية فى مجلس الشعب المنحل، ليكون مستشاراً له، حتى تعيينه عضواً بمجلس الشورى.

واستمر «عفيفى» فى تنفيذ مخطط مكتب الإرشاد على حساب الدعوة والدعاة، فأخون كل مفاصل الوزارة، مع توزيع بعض المناصب على المؤيدين والداعمين للرئيس مرسى وللإخوان.

وغير الدكتور صلاح سلطان، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، معالم المجلس تماماً، حيث طوع كل خدمات المجلس للتواصل المستمر مع حركة حماس، حيث أطلق أكثر من قافلة دعوية بمشاركة قيادات الإخوان لزيارة غزة، وتقديم الدعم لحماس، كما استغل مطبوعات المجلس فى الترويج لفكر الإخوان ورموزهم، حيث أفرد ملفاً كاملاً فى مجلة منبر الإسلام عن الإمام حسن البنا وسيد قطب، كما نشر أحد مؤلفات الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بل وفتح له المجلس لتقديم محاضرات للدعاة، وأضاف إلى كل ذلك تغيير تشكيلة عضوية المجلس، حيث استبعد معظم علماء الأزهر، لإفساح المجال للإخوان والسلفيين، الذين سيطروا على أكثر من 70% من العضويات، على حساب الدكتور أحمد عمر هاشم والدكتور على جمعة والدكتورة آمنة نصير والدكتور محمد رأفت عثمان والدكتور بكر زكى عوض، عميد كلية أصول الدين، وضم المجلس الدكتور عبدالرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد، وعبدالخالق الشريف، مسئول الدعوة بالإخوان، وعاطف عبدالرشيد والشيخ محمد عبدالمقصود وآخرين.

وقال الشيخ محمد عثمان البسطويسى، رئيس النقابة المستقلة للأئمة، إن العام الماضى كان وبالاً على الدعوة والدعاة، بعدما تحولت وزارة الأوقاف إلى منبر لخدمة مكتب الإرشاد، وانحرف مسار الدعوة تماماً، وتم تسييس الخطاب الدينى وفتح المساجد للمتشددين من التيارات الدينية، لخدمة النظام الحاكم وقتها، كما حولوا بيوت الله إلى ساحات للصراع بعدما استخدمها الإخوان فى الهجوم على المعارضة، واتهامهم بأنهم أعداء لله والدين.

وأضاف أن الدعاة صورتهم اهتزت لدى الجماهير بسبب ممارسات قيادات الوزارة وأعوانهم فى المساجد، كما أن كل القيادات بالأوقاف كانوا يشاركون بصفة مستمرة فى كل مليونيات الإخوان، لدرجة أن الشيخ أحمد هليل، مدير الإرشاد الدينى، وصف يوم 30 يونيو الماضى بأنه حرب صليبية للقضاء على الإسلام، ودعا الإخوان إلى استخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم.

ولفت «البسطويسى» إلى أن «عفيفى» أقصى كل وكلاء الوزارة ومديرى الإدارات بكل المحافظات، ورفض التجديد لأى قيادة، والأدهى من ذلك جلبه لبعض العناصر الإخوانية من خارج الوزارة لتولى مناصب، مثلما أتى بمدرس ثانوى عام إخوانى فى منصب وكيل وزارة فى بنى سويف، بلد المرشد، موضحاً أن «عفيفى» لم يحترم القانون ولا أحكام القضاء، فقد حصل معظم المستبعدين على أحكام قضائية بالعودة لعملهم، لكنه لم ينفذها، بل وقاطع الكنيسة ولم يهنئ البابا تواضروس بعد توليه «البابوية»، ورفض تهنئة الأقباط بأعيادهم، واكتفى بإرسال أحد وكلاء الوزارة من خارج الإخوان، بل وأرسل منشوراً لكل إدارات الأوقاف بوقف التعامل مع الكنيسة الإنجيلية، ما أثار غضب واستياء الكنيسة، ما أدى لاحقاً إلى اعتذار الوزارة.

وقال عبدالغنى هندى، منسق الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر، إن العلاقة بين الأزهر والأوقاف أصيبت بالجمود طيلة العام الماضى، بعدما أعلن وزير الأوقاف السابق الحرب على المنهج الأزهرى وطعن فيه، بعد استضافته لمشايخ من الإخوان والسلفية لمحاضرة الدعاة الجدد، وشككوا فى المنهج الأزهرى، لافتاً إلى أن «عفيفى» انقلب على الأزهر وأهدر المال العام بإقامة دورة تدريبية للدعاة الجدد، رغم عدم إتمام تعيينهم، فضلاً عن إعلان نتيجة المسابقة مرتين، لوجود أخطاء فى كشوف الناجحين.

* خسارة التيار الإسلامى لأول تجربة حكم غير ديمقراطية فى تاريخه لم تتوقف عند السياسة فقط بل امتدت إلى مجالات أخرى أصابتها توابع «الزلزال السياسى» الذى أطاح بمحمد مرسى بعد عام وثلاثة أيام من حكمه، فأصابت التيار الإسلامى كله وعلى رأسه «الجناح الإعلامى» بكل تفرعاته الفضائية والورقية ونجومه الذين ظهروا وسرعان ما اختفوا أو تراجعوا.

فتحت ثورة يناير الباب على مصراعيه أمام التيار الإسلامى ليمارس حريته لأول مرة بعد سنوات من المعتقلات والسجون والتضييق وفتح قنوات فضائية وصحف خاصة ولكنه لم يقدر «طعم الحرية» فاستخدم قنواته فى الهجوم على الجميع تحت ستار المشروع الإسلامى ولمعت نجوم فى سماء قنواته ليس «بالسبق الإعلامى» إنما «بالسب الإعلامى».

خسرت القنوات الفضائية الدينية وكذلك الصحف المنتمية لها مع خسارة الإخوان فى معركتهم مع الجميع وكان قطع إشارة البث عن معظم القنوات المعروفة باسم «القنوات الدينية» عقب بيان الفريق أول عبدالفتاح السيسى بعزل مرسى هو بمثابة التطهير لهذه القنوات عما اقترفته طوال عامين.

على رأس الخاسرين قناة مصر 25 الناطقة باسم جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة والتى يختلط فيها المحتوى الدينى مع السياسى ولم تقدم الدين بوجهه الصحيح ولم تصبح قناة سياسية خالصة باستثناء الدفاع عن الرئيس المعزول على طول الخط ومحاولات فاشلة لتجميل وجه النظام القبيح منذ تولى مرسى مقاليد الرئاسة حتى دقائق سابقة لقرار عزله.. القناة التى كانت تعمل بجانب شقيقاتها من القنوات التى كانت دينية وأصبحت تخلط الدين بالسياسية مثل قناة «الناس» وقناة «الفتح» وغيرها من الشقيقات التى تتلقى تمويلا ودعما من التيار الدينى.

فشلت هذه القنوات فى تقديم صورة صحيحة للإخوان ومن على شاكلتهم وأصبحت محسوبة على التيار الدينى بسقطاته وإنجازاته وكان من الطبيعى أن تختفى باختفاء النظام السابق لتكتب نهاية مريرة للقنوات الدينية.

تؤكد الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق، أن ما يطلق عليه الإعلام دينى كان بمثابة وسيلة للدفاع عن تيار الإسلام السياسى بعيدا عن معايير الإعلام وقواعده ومهنيته فكان لا بد أن يكونوا على رأس الخاسرين فى العملية السياسية لأنهم تحولوا من إعلام مهنى إلى طرف فى صراع سياسى.

ولم يكن بعيدا عنها أيضاً الصحف التى تصدر باسم التيارات الدينية مثل «الحرية والعدالة» و«الرحمة» وكانت تتحدث باسم النظام وإنجازاته التى لم يكن يراها غير القائمين عليها فقط. خسرت هذه الصحف لأنها كانت توجه بوصلتها إلى النظام فقط ولم تتوجه إلى الشارع أو المواطن. خسرت بدون أن يتم إغلاقها لكن صدر لها قرار غير رسمى من المواطنين بالمقاطعة التامة فأصبحت تعيش على بضع عشرات من أبناء التيار الذى تنتمى إليه ممن أدمنوا العيش فى طور الخداع.

حتى التليفزيون الرسمى جرته الجماعة إلى مستنقع الخاسرين بعد قيام صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام السابق بصبغ القنوات بصبغة إخوانية سواء صريحة أو من خلف ستار وتمكن الوزير من زرع رجال الجماعة فى كل القنوات والهيئات التابعة للتليفزيون مما أدى إلى أن يفقد التليفزيون البقية الباقية من مصداقيته على يد الجماعة ووزيرها الذى لم يمارس أى عمل إعلامى أو حتى صحفى باستثناء عضويته فى الحملة الإعلامية للرئيس المعزول أثناء الانتخابات الرئاسية.. فكان من الطبيعى أن ينجرف التليفزيون إلى ساحة الجماعة ويتم تحويل كل من يخالف هذه الرؤية للتحقيق.

حتى المؤسسات التى تدير العمل الإعلامى سحبها الإخوان إلى مستنقع الفشل فى ظل سياسة السيطرة والتمكين التى قامت بها الجماعة حيث صبغت المجلس الأعلى للصحافة بالطابع الإخوانى وأصبح المجلس الذى يدير شئون 9 مؤسسات قومية كبرى «صاحب هوى إخوانى» وبالتالى لا بد من الاستعانة بكل من يدعم الجماعة ويؤيد رؤيتهم فيقوم أحد المهندسين باختيار رؤساء الصحف القومية بمسابقات لها معايير تابعة للجماعة لينتهى دور المجلس الأعلى للصحافة فى مقبرة الإخوان.

لم تتوقف الخسائر عند القنوات والصحف فقط بل امتدت إلى نجوم من ورق صنعهم الإعلام الإخوانى وجعل منهم أبطالا فى «الشتيمة» ليتصدروا المشهد ويحتلوا الصفوف الأولى فى دولة الإخوان وسرعان ما زالوا بزوال النظام الإخوانى وعلى رأسهم المذيع خالد عبدالله من قناة الناس الذى مارس كل أنواع السب والقذف فى وجه الجميع وكان رأس حربة للنظام الإخوانى فى الهجوم على كل المعارضين للنظام السابق ووصف المتظاهرين بالبلطجية والمأجورين والنيل من سمعتهم واتهامهم بالشذوذ والفجور.

لم يتوقف نزيف الخسائر التى تكبدها الإسلاميون من الدعم الأعمى للنظام الفاشل فخرج الإعلامى «نور الدين عبدالصمد» الشهير بـ«خميس» من المشهد الإعلامى تماما حتى قبل أن يتم إغلاق قناة مصر 25 وقبله خرج عبدالله بدر على يد إلهام شاهين بعد عمليات التزوير التى قام بها ومنهم أبوإسلام الذى كان كالأسد فى عهد مرسى ثم بدأ يعتذر لكل من أساء لهم بعد سقوط الإخوان.

كان المشهد الأخير لرئيس قناة الحكمة «عاطف عبدالرشيد» وهو داخل سيارة الشرطة عند القبض عليه عقب قرار عزل مرسى يعتبر المشهد الختامى لنجوم الفضائيات الإسلاميين بعد جلسات النميمة التى كان يقدمها على الهواء بما تحتويه من سب وقذف وهجوم على المعارضين واتهامهم فى دينهم وشرفهم ليطوى صفحة نجوم القنوات الدينية إلى الأبد.

تضيف ليلى عبدالمجيد أن المذيعين الإسلاميين اتخذوا من قنواتهم وسيلة للهجوم والتشوية بل أحيانا للتحريض على ممارسة العنف ضد الخصوم، مؤكدة أن هذه النماذج من أبطال القنوات الفضائية لا يمكن أن نطلق عليهم «مذيعين» بل هى نماذج غير معروفة وليس من السهل أن نطلق على أى شخص أنه إعلامى أو حتى داعية لأن هناك أساسيات للعمل والتأهيل المهنى وهناك أخلاقيات للمهنة وميثاق شرف يجب أن يعملوا من خلاله لكن هذا النموذج كان مفقودا تماما حيث كان الغالب على هؤلاء الخاسرين الطعن فى شرف الخصوم بالإضافة إلى السب والقذف.

وتشير «عبدالمجيد» إلى أنه لا حرية بدون مسئولية ونتمنى أن يعيد القائمون على هذه القنوات النظر فى مضمون المحتوى المقدم للمشاهد المتعطش لمعرفة المحتوى الدينى الوسطى بعيدا عن التشدد أو الدعوة إلى العنف، مؤكدة أننا ضد إغلاق القنوات الفضائية وفى نفس الوقت ضد أن تستخدم هذه القنوات لخدمة أغراض ضد السلم الاجتماعى.

* لم يتخيل القضاة الموالون للإخوان سقوط النظام بهذه السرعة، فبعد عام خاصموا فيه جموع القضاة والثوار وأبناء الشعب، لإرضاء السلطة الجديدة، إذا بهم يخسرون كل شىء، مناصبهم الموعودة ووظائفهم، وسمعتهم أيضاً.

وأصبح هؤلاء ما بين مهدد بالعزل، ومعتزل فى منزله إراديا خشية أن يرى وجهه أحد، ومناكف يحاول العودة إلى منصة القضاء، كأن شيئا من نزاهته لم ينجرح، فيما لا يزال بعضهم يمعن فى خطيئته، ويصر على اقتراف السياسة، بالانضمام لمعسكر المعتصمين فى رابعة، على أمل عودة المعزول ونظامه.

تحطمت آمال «قضاة الإخوان» على صخرة ثورة 30 يونيو، وعلى رأسهم المستشار محمود مكى نائب الرئيس المعزول، الذى آثر الجلوس فى منزله، قبل أن يقرر ما يفعل، حيث لم يعد يقوى على مقابلة زملائه من قضاة محكمة النقض، بعد الانتهاكات التى ارتكبتها الرئاسة ضد القضاة، أثناء توليه منصبه، وبدلا من الوقوف فى وجه المعتدى على القضاء، ظل يدافع ويتبرأ من معرفته بالإعلان الدستورى، ردا لجميل الإخوان الذين تظاهروا دفاعا عنه فى أزمة 2006، التى روجت لأكذوبة تيار الاستقلال، التى تساقطت مع انحياز أعضاء هذا التيار السافر إلى جانب الإخوان، ضد استقلال القضاء بمجرد أن أجلسوهم إلى جوارهم فى السلطة.

أما شقيقه الأكبر المستشار أحمد مكى وزير العدل السابق، فخسر هو الآخر تاريخا طويلا، إرضاء للإخوان، الذين قال عنهم أثناء وجوده فى منصبه «أنا مش إخوان لكن الانضمام للإخوان شرف»، ثم تدخل من أجلهم لإزاحة المستشار عبدالمجيد محمود من منصب النائب العام، تحت غطاء تعيينه سفيرا لمصر فى الفاتيكان، وإن أبدى بصفته وزيرا للعدل اعتراضه على الإعلان الدستورى الذى أقال النائب العام وحصن قرارات مرسى، ومجلس الشورى والجمعية التأسيسية، ولكنه لم يقل ذلك رسميا، ولم يتخذ إجراء يحفظ له ماء الوجه أمام تلاميذه من القضاة، وعندما حاول مكى متأخرا الوقوف فى وجه تمرير قانون السلطة القضائية، خرجت مظاهرات الإخوان تطالب بتطهير القضاء وإقالته، الأمر الذى دفعه إلى تقديم استقالته والإصرار عليها، بعدما اكتشف أنه فشل فى إرضاء القضاة والإخوان.

استحوذ المستشار طلعت عبدالله، النائب العام المعزول، على نصيب الأسد من سخط القضاة والثوار والشعب، بسبب إصراره على البقاء فى منصب يعلم يقينا بحكم تكوينه القضائى أنه غير شرعى، إلا أنه استخدم كل ما أوتى من قوة للتمسك بالمنصب، ابتداء من إنهاء ندب بعض المحامين العامين بالنيابة العامة، حيث أنهى ندب المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد، وهشام الدرندلى رئيس مكتب التعاون الدولى، والمستشار تامر الفرجانى المحامى العام لنيابة أمن الدولة العليا، وعين محامين عامين ينفذون أوامره بصفته نائب عام النظام الجديد، ولم يكتف طلعت بذلك، بل تراجع عن تقديم استقالته بحجة إكراهه على تقديمها، وأقدم على رد دائرة طلبات رجال القضاء أملا فى تأخير تسليم الصيغة التنفيذية لحكم بطلان تعيينه إلى سلفه وخصمه «عبدالمجيد»، ما اعتبره القضاة سابقة تاريخية.

رفض طلعت كل مناشدات شيوخ القضاة وأعضاء النيابة العامة للرحيل عن منصبه، مدعوما بتطمينات الرئاسة وقيادات الإخوان بأنه باق مهما حدث، ناسيا ما تسبب فيه ذلك من إهدار سمعة النيابة، حتى أصبح الناس يصفون وكلاءها بـ«وكلاء المرشد»، لكنه أصر على البقاء واستعان بأعضاء حركة «قضاة من أجل مصر» الموالية للإخوان، فى تولى مناصب مهمة فى النيابة منهم المستشار أيمن الوردانى، الذى عينه محاميا عاما لنيابات استئناف طنطا، ليصدر قرار إحالة الناشط أحمد دومة إلى المحاكمة، وكذلك المستشار مصطفى دويدار المتحدث باسم النيابة، والمستشار أسامة عبدالرؤوف يوسف محاميا عاما لنيابات شرق الإسكندرية، ولكن خرج طلعت من مكتبه بكل حسرة، بعدما قضت محكمة النقض ببطلان تعيينه، ولم يجد وقتها أحدا من قيادات الإخوان بجواره، ليعود إلى منصة القضاء بمحكمة استئناف طنطا.

المستشار حسن النجار رئيس نادى قضاة الشرقية الذى عينه مرسى محافظا للشرقية كأول محافظ فى نظام الإخوان، واجه نفس المصير، بمنصب لم يدم طويلا، وانتهى نهاية مخزية.

واختلف الحال كثيرا بالنسبة للمستشار وليد شرابى رئيس حركة قضاة من أجل مصر، وبقية أعضاء الحركة التى ظهر للجميع أنها تنتمى لتنظيم الإخوان، بترددهم على مكتب الإرشاد بالمقطم أو بحضور ندواتهم واجتماعاتهم، فضلا عن الدفاع عنهم، وأخيراً التظاهر والاعتصام بميدان رابعة العدوية، لكن الإخوان وقفوا بجوار «شرابى» بكل قوة حيث اضطر وزير العدل إلى إنهاء ندبه من مكتبه الفنى لعضويته فى جبهة الضمير، لتسارع الجماعة بندبه مستشارا لوزير المالية المنتمى لها، وعقب سقوط مرسى قرر الذهاب بصحبة أعضاء الحركة إلى رابعة العدوية، وحرض الشعب على الاقتتال دفاعا عن الشرعية، أملا فى عودة نظام الإخوان.

أصبح شرابى بذلك الخاسر الأكبر بين القضاة المؤيدين للإخوان، فالقضاة بدأوا ملاحقته وأعضاء الحركة لدى قطاع التفتيش ومجلس القضاء الأعلى، لإحالتهم للصلاحية من ناحية، وملاحقتهم جنائيا من ناحية أخرى، بسبب تحريضهم على العنف والاقتتال ومواجهة القوات المسلحة.

يصف المستشار محمد عبدالرازق رئيس اللجنة الدائمة للدفاع عن القضاة وأعضاء النيابة العامة، القضاة الذين ارتموا فى حضن تنظيم الإخوان ودافعوا عنه بـ«التائهين»، الذين ينطبق عليهم قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «فَإِنَّ المُنبَتَّ لاَ أَرْضاً قَطَعَ وَلاَ ظَهْراً أَبْقَى». ويضيف عبدالرازق، موجها كلامه لهؤلاء القضاة: ما بالكم الآن، وقد اعترف الإخوان بجرائمهم من قتل وسفك دماء أبناء الشعب والاستعانة بإرهابيين أجانب، لمحاربة القوات المسلحة والشرطة، ما تعرفونه جيدا أنه خيانة وتخابر وتجسس؟»، ويتابع: راجعوا أنفسكم قبل أن تطلبوا العودة إلى صفوف حماة العدالة، فكيف تنظرون فى عيون زملائكم ممن نكلتم بهم لإرضاء الحاكم، وكذلك فى عيون المحامين والمواطنين؟ لذلك لا تعودوا أكرم لكم.

ويقول عبدالرازق إن التاريخ لا يرحم، وكل قاض من هؤلاء كتب بنفسه تاريخه، ولكنهم اختاروا الكتابة فى هامش صفحات التاريخ، وابتعدوا عن صفحاته البيضاء، فما قاموا به لن ينسى إرضاء لرغبات الحاكم والانخراط فى أعمال السياسة، فنكلوا بزملائهم واتخذوا إجراءات غير طبيعية ضد الثوار والمعارضين، واشتركوا وشاركوا الإخوان فى مؤتمراتهم واجتماعاتهم، مؤكدا أن ذلك كله ثابت بالأدلة والمستندات والفيديو والصور، ما يفقدهم شرف الجلوس على منصة القضاء مرة أخرى.

ويشير عبدالرازق إلى أن بعضهم لم يكتف بذلك، بل ذهب وتظاهر واعتصم وسط من لا يحق للقضاة مخالطتهم من سيئى السمعة والمشبوهين، فضلا عن التحريض على اقتتال الشعب ومحاربة القوات المسلحة.

المصدر: الوطن

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على الرابحون والخاسرون بعد سقوط «مرسى»

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
80967

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
استطلاع رأي طريق الأخبار
أرشيف استطلاعات الرأي

استطلاع رأي طريق الاخبار

أهم توقعاتك لمستقبل مصر بعد تنصيب السيسي؟

إظهار النتائج

نتائج استطلاع رأي طريق الاخبار لا تعبر عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي المشاركين في الاستطلاع

إرسل إلى صديق
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث الاخبار العربية والعالمية