قراصنة الإنترنت .. قادة حروب المستقبل
"التسلح الإلكتروني".. مصطلح حديث بدأ يفرض نفسه علي خبراء الإنترنت والأمن الإلكتروني، وخاصة في ظل تنامي دور قراصنة الإنترنت أو من يطلق عليهم "الهاكرز"، والذين يري الخبراء أنهم سيقودون حروب المستقبل.
الكثير من علامات الاستفهام تثار حول طبيعة تلك العصابات ومدي قدراتهم التي تبدأ من سرقة الأموال وكروت الائتمان من الأفراد والبنوك، وتصل إلي اختراق وتخريب شبكات وأجهزة وبرامج الأفراد والشركات بل والجهات الأمنية.
البداية بالتسلية
الحديث عن "الهاكرز" يقودنا في البداية إلي التعرف عن كيفية نشأة ذلك النوع من القرصنة الذي بدأ في عقد الستينات الماضي، صحيح أن الكمبيوتر لم يكن قد ظهر وقتها، لكن شركات الهاتف كانت المكان الأول لظهور الهاكرز، ففي عام 1960 كان أغلب العاملين بإحدي شركات الهاتف المحلية بالولايات المتحدة من الشباب المتحمس لمعرفة المزيد عن هذه التقنية، فكانوا يتنصتون علي المكالمات التي تجري في هذه المؤسسة و كانوا يغيرون من الخطوط الهاتفية بغرض التسلية.
وحينما ظهر الكمبيوتر لأول مرة في الستينات كان "الهاكرز" لا يستطيعون الوصول إليه بسبب كبر حجمه والحراسة الأمنية المفروضة عليه، وكان في تلك الفترة يطلق اسم "الهاكر" علي المبرمج العبقري الذي يقوم بتصميم البرامج.
في عام 1981 أنتجت شركة IBM العالمية، جهاز كمبيوتر شخصي صغير الحجم، واستغل بعض الأشخاص قدراتهم المتطورة في تخريب هذه الأجهزة، كما ظهرت مجموعات من الهاكرز تقوم بعمليات التخريب في أجهزة المؤسسات التجارية. وكان أول تناول سينمائي للهاكرز في عام 1983 من خلال فيلم سينمائي اسمه (حرب الألعاب) والذي تحدث عن هذه العصابات وكيف أنهم يشكلون خطورة شديدة علي الدول والأفراد.
الحرب العظمي
في عام 1984 ظهر بالولايات المتحدة شخص يدعي "أليكس لوثر" والذي أنشأ مجموعة من الهاكرز الهواة أسماها LOD وكانت تقوم بالقرصنة علي أجهزة الآخرين، ثم ظهرت مجموعة أخري منافسة لها أطلقت علي نفسها اسم MOD والتي كان يقودها شخص يدعي "فيبر"، ومع بداية عام 1990بدأت المجموعتان بحرب كبيرة سميت بحرب الهاكرز العظمي، والتي كانت عبارة عن محاولات كل طرف اختراق أجهزة الطرف الآخر، واستمرت هذه الحرب ما يقارب الأربعة أعوام و انتهت بإلقاء القبض علي "فيبر".
ومع انتهاء هذه الحرب ظهرت الكثير من المجموعات الهاكرز الكبار أشهرها تلك التي كان يقودها "كيفن ميتنيك" kevin mitnick وهو أشهر وأخطر قرصان إلكتروني في التاريخ حيث كان أول هاكرز توضع صوره من ضمن قائمة المطلوبين لدي جهاز الاستخبارات الأمريكيةFPI" " لقدرته علي اقتحام أخطر المواقع، عبر شبكات الكمبيوتر والهاتف، وبينما تم اعتقاله في عام 1997 كانت بعض الكتب التي تناولت سيرة حياته تحصد ملايين الدولارات، وكان أشهرها كتاب "Takedown" الذي من المحتمل تناو، والذي اشترك في تأليفه الصحفي الأمريكي ماركوف وخبير الأمن الإليكتروني "شيمو مورا، وأصبحت قصة حياة "كيفين متنيك" أسطورة في عالم القرصنة و"الهاكرز" لقدرته اللامحدودة علي الاختفاء والدخول الي أكثر الحاسبات صعوبة حتي إلي وزارة الدفاع الأمريكية وأكبر الشركات في الولايات المتحدة.
تخصصات مختلفة
بعد المراحل السابقة من تطور ""الهاكرز" أصبحت القرصنة الإلكترونية علم له تخصصات مختلفة منها المتخصصون في اختراق أجهزة الكمبيوتر والشبكات الإلكترونية والسيطرة علي ما بها من بيانات أو الاستيلاء عليها أو تدميرها، ومتخصصون في صناعة برامج التجسس وغيرها، ومتخصصون في تدمير المواقع وسرقات البريد الإلكتروني، وكلها تمثل بالطبع تخصصات تشكل مصدر قلق وتهديد مستمر سواء للأفراد أو الشركات أو الأنظمة الأمنية.
أما عن أهداف ووسائل الهاكرز فهي إلي قسمين:
الأول: (التدمير والتخريب) من خلال هجمات الحرمان من الخدماتDoS) ) وهي عملية خنق الأجهزة من خلال إغراقها بالمواد والبيانات حتي تصبح بطيئة ثم تتعطل عن العمل.
وكذلك من خلال تجاوز سعة المخزن المؤقت (Buffer overflow) حيث يتم الهجوم عن طريق إغراق ذاكرة الخادم فيصاب بالشلل.
الثاني: (السيطرة والتجسس) من خلال الثغرات الأمنية (Exploits) حيث يتعرف الهاكر علي البرامج التي تدير الجهاز المستهدف ويبحث عن ثغرات في تلك البرامج ليستغلها.
وكذلك من خلال أحصنة طروادةTrojan horse) ) حيث يستقبل الجهاز المستهدف برنامج متنكر يفتح من خلاله ثغرة أمنية خفية ليتسلل من خلالها المهاجم.
وقد وجدت الكثير من الشركات مثل "مايكروسوفت" ضرورة حماية أنظمتها من الهاكرز، ووجدت أن أفضل أسلوب هو تعيين هولاء القراصنة بمرتبات عالية لتتقي شرهم، ولتكون مهمتهم حماية أنظمة الشركة من الاختراق الخارجي وإيجاد أماكن الضعف فيها ووضع الحلول اللازمة لها.
وبشكل عام فقد ساهم القراصنة الإلكترونيين أو "الهاكرز" في إنشاء علم جديد ساهم في تطوير أنظمة وبرامج الكمبيوتر وشبكة الإنترنت، ولكنه علم ذو حدين.. إما ينفع الناس أو يدمر البشرية!
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!