الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › عاصم الدسوقي لـ"محيط" : الإقطاع الملكي سخر المصريين .. وأي ثورة تقمع أعداءها

صورة الخبر: عاصم الدسوقي لـ"محيط" : الإقطاع الملكي سخر المصريين .. وأي ثورة تقمع أعداءها
عاصم الدسوقي لـ"محيط" : الإقطاع الملكي سخر المصريين .. وأي ثورة تقمع أعداءها

يلقب د. عاصم الدسوقي بمؤرخ مصر الحديثة ، وقد عرف بسعة معرفته التاريخية وآرائه الجريئة التي تسير عكس التيارات الرسمية السائدة على كل المستويات ، التقته شبكة الإعلام العربية "محيط" وأجاب على كافة التساؤلات بصراحته وخبرته المعهودين ، تحدث عن نشأة الملك فاروق وكيف عاني من معاملة والده القاسية لأمه الملكة نازلي. وكيف تورط الملك الشاب في فضائح أخلاقية هددته بها بريطانيا في حادثة فبراير 1942 ، كما نفي فساد الأسلحة التي اشتراها فاروق في حرب 1948.

ثم انتقلنا للحديث معه عن الفترة الناصرية والتي دافع فيها عن قرار تأميم قناة السويس ، أما قرارات الاعتقال والسجن التي تمت في عهد ناصر فأكد أن الرئيس كان يسعى من خلالها لحماية الثورة وفق رؤيته .

محيط: كيف ينظر المؤرخون لآخر ملوك مصر .. فاروق ؟

دراسة أي شخصية تاريخية تبدأ بالنظر إليها في السياق التاريخي , لأن لا أحد يعيش في فراغ ، وبالنسبة لفاروق فإن ظروفه لم تكن تؤهله لكي يكون حاكما , حيث ولد في القصر الملكي معزولا عن المجتمع , وأثر في جزء من تكوينه أن الأب كان يكره الأم نازلي , والتي عانت من العزلة , ولابد أن فاروق الصبي قد تأثر كثيرا حينما كان يشاهد أبيه يضرب أمه .

النقطة الثانية في حياة فاروق أنه لم يعش حياة الصبي , عاش محروما من الأقران من أي نوع , رهين المربيات الأجنبيات, حتى عندما كبر ودخل المدرسة العسكرية في لندن لم يكمل دراسته فلم يعش حياة الشاب المجند , وترك الدراسة سريعا ليعود إلي مصر لتولي العرش بعد وفاة والده .

نقطة أخرى أن فاروق كان بناؤه الثقافي ضعيف , وفي هذه السن الصغيرة يجد أناس كبار في السن والمركز ينحنون أمامه ويقبلون يده , وبالطبع دفعه هذا للتعالي.

الشئ الأخطر أن فاروق كان محاطا بحاشية شربته كراهية "الوفد" وسعد زغلول والنحاس باشا , لدرجة أن هذه الحاشية كانت وراء عدم إجراء انتخابات نزيهة , وكل الانتخابات منذ بدء دستور 1923 كانت غير حقيقية باستثناء انتخابات 1924 , 27 , 36 , 50 .. , وعندما كان رئيس الوزراء المنتخب يقال أو يقدم استقالته لم تكن تجرى انتخابات؛ وإنما كان يتم اختيار رئيس الوزراء من أحد الشخصيات المقربة من القصر. هذه هي بعض الظروف التي أحاطت بفاروق وجعلت السلطة في يد حاشيته .

محيط: ما رأيك في الدعاية ضد فاروق المتعلقة بعلاقاته النسائية والأسلحة الفاسدة ؟

أولا هي لم تكن دعاية , إنما حقائق ؛ مثلا مسألة اللهو كانت معروفة ويُكتب عنها في أيام فاروق نفسه , فقد تحدث فيها محمد التابعي ، والدكتور محمد حسنين هيكل له كتاب اسمه "مذكرات في السياسة المصرية" تحدث عن سلوك فاروق .
وهذا الأمر ظهر بوضوح في حادثة 4 فبراير 1942 حينما طلب السفير البريطاني من فاروق تعيين النحاس رئيسا للوزراء أو التنازل عن العرش , وإلا ستقوم بريطانيا بنشر ملف يحوي صورا لفاروق مع نساء . وبالطبع هذه النقطة لم تأت في مسلسل فاروق رغم أنها جاءت في الكتب والمراجع التي استعان بها المسلسل والهدف من إخفاءها هو إظهار فاروق في شكل البريء. ونلاحظ هنا أن فاروق وقتها لم يمر عليه في حكم مصر سوى 6 سنوات , وسنه كان 22 عاما فقط. والصور التي كانت في الملف لم تكن عبثية , وإنما كانت من إعداد المخابرات البريطانية التي سجلت سفرياته إلي الممثلة كاميليا , وزيارته لشواطئ الريفيرا ونيس , وكذلك علاقته مع الراقصة سامية جمال.

وموضوع الأسلحة الفاسدة أيضا من الحقائق , والذي أثاره الصحفي إحسان عبدالقدوس في مجلة روزاليوسف, لكن لم تكن الأسلحة فاسدة بالشكل الذي يقوله الناس بأن السلاح يضرب في صاحبه , وإنما كان سلاح قديم من مخلفات الحرب.
الدليل على ذلك أن الجيش المصري كان متقدما؛ وعلى بعد 29 كم فقط من تل أبيب؛ بينما كان الجيش العراقي على بعد 16 كم , وكادت إسرائيل أن تخنق , والذي أنقذها هو مجلس الأمن الذي فرض الهدنة .
ولكن للحق فإن من قام بالصفقة هم الرجال المحيطون بالملك, وفاروق لم ينزل ويفرز الأسلحة , لكننا بطريقتنا اعتدنا أن نحمل المسئولية للحاكم .

محيط: هل يحمد للملك تنازله عن العرش بعد قيام الثورة حقنا للدماء ؟

الدكتور محمد حسنين هيكل في مذكراته يقول بأنه لما زادت سيطرة الحاشية على فاروق تقدمت أحزاب المعارضة إلي فاروق بمذكرة في أواخر 1951 تحذره فيها بأن الحكم يسير بطريقة غير سليمة وهو أمر قد يؤدي إلي عواقب وخيمة , وكان رد فاروق أنه يدرك أن النظام الملكي مصيره إلي زوال , ولن يتبقي منه إلا خمسة ملوك , إنجلترا وملوك الكوتشينة الأربعة ، باعتبار أن ملك إنجلترا مجرد منصب شرفي.

ولكن فاروق لم يتنازل عن الحكم بمجرد قيام الثورة ؛ حيث اتصل بالإنجليز في قناة السويس لكنهم رفضوا أن يقفوا بجواره لأنهم كانوا يعلمون أن فاروق انتهى , وهم يريدون أن يدعموا مصلحتهم مع قادة مصر الجدد, وهذا هو المذهب البرجماتي في السياسة.

محيط: لماذا يحن المصريون أحيانا إلي الملكية؟

هذا الحنين سببه سوء الأوضاع الحالية , والحديث عن التوريث. وإذا عشنا في مجتمع يوفر ظروف حياة كريمة فلن نحن أبدا إلى الماضي. وهناك مقولة تقول: "الفقر في الوطن غربة , والغنى في الغربة وطن".

محيط: ثورة يوليو حركة تحرير كبرى ، ولكن البعض يراها مقصلة للحرية والديمقراطية . ما رأيك ؟

كل الذين يشتكون ثورة يوليو , يقولون بأن الأحزاب كانت نشطة , والحرية متاحة , وتداول السلطة فعال. لكن أقول: كل هذا وهم ، ولنأخذ نماذج من فترة ما قبل الثورة.

بخصوص التجربة الحزبية تحدثت منذ قليل أن الانتخابات لم تكن تجري, وإنما كان يعين الملك الأشخاص المقربين منه , والحزب الوحيد القوي آنذاك كان هو الوفد , والذي يستمد سمعته وشهرته من الحركة الوطنية , لكننا نجد قيادات الحزب من طبقة كبار الملاك , لذلك كان موقفهم من المسألة الاجتماعية كالفقر والبطالة يراعي مصالحهم الطبقية. وهناك براهين على ذلك؛ فالوفد خرج منه عدة أحزاب: الأحرار الدستوريين, حزب الشعب , الهيئة السعدية وكتلة مكرم عبيد. أما الحزب الوطني فقد رفض المشاركة في الحياة السياسية متمسكا بمبدأ "لا مفاوضات إلا بعد الجلاء" , ولهذا لم يشترك في كل الحكومات , حتى هو تعرض للانشقاق عام 1949 وخرج منه الحزب الوطني الجديد.

كل هذه أحزاب برلمانية تتداول السلطة فيما بينها , لكنها في الأصل حزب واحد هو حزب الوفد والذي تتحكم فيه طبقة كبار الملاك. في نفس الوقت بجوار الأحزاب نجد جماعة "الأخوان المسلمين" و"مصر الفتاة" والشيوعيين, وكلها تنظيمات غير مسموح لها بدخول البرلمان .. إذا أين هي هذه الحرية المزعومة وتداول السلطات؟!.

وحينما نقرأ دستور 1923 نجده يشترط في الشخص الذي يرشح نفسه في الانتخابات أن يمتلك يدفع 150 قرش وكانت تعني أن يمتلك نحو 300 فدان أو نحوها .. وكذلك الحال مع مجلس النواب، وعلى هذا نجد أن الهيئة التشريعية كلها وقعت في أيدي كبار الملاك وأصحاب المصانع ,وبالطبع لن يسنوا تشريعات تخالف مصالحهم الطبقية .

ولنأخذ مثال من التاريخ ؛ في عام 1933 تقدمت لجنة برلمانية بمشروع لزيادة ميزانية التعليم الإلزامي لأولاد الفلاحين؛ فتصدى للمشروع محمد عزيز أباظة باشا حيث قال ساخرا "إن تعليم أولاد الفلاحين يعد طفرة كبرى, ويغير من طبيعتهم الخشنة , يتحولوا مع الزمن إلي أصحاب الجلابيب المكوية بعدما كانوا أصحاب الجلابيب الزرقاء" !

مثال أخير: في حكومة الوفد الأخيرة تقدم الدكتور أحمد حسين بمشروع لتطوير الريف بإدخال المياه النظيفة إلي القرى وإنشاء مراكز شبابية وعيادات صحية على حساب الملاك؛ وإذا رفضوا تتحمل الحكومة تكاليف المشروع ثم تحصل الأموال على شكل ضرائب من الملاك. وقدم المشروع بالفعل إلي مجلس الوزراء, فاعترض عليه وزير الزراعة قائلا: أنك يا باشا بهذا المشروع باشا أحمر (يقصد أنه شيوعي). فرد عليه أحمد حسين بأنه لا يوجد أحمر منك (بالمعني الآخر للكلمة), وخرج غاضبا من الوزارة ليقدم استقالته. لذلك استعان به عبدالناصر بعد الثورة وعينه سفيرا لمصر في أمريكا حتى 1958.

من كل هذه النماذج نخلص إلي أن الحرية المزعومة في العهد الملكي كانت كذب ووهم.

محيط: وماذا عن اضطهاد المعارضين وتعذيبهم الذي ازداد مع قيام ثورة يوليو ؟

الموقف يختلف ؛ هناك فارق بين حرية القول وحرية الفعل, فاعتقالات الثورة كانت موجهة لخصوم الثورة الذين يتحركون ضدها , وليس من يقولون ضدها , وأي نظام لابد أن يحمي نفسه. ولنأخذ نموذج من الثورة الفرنسية 1789 والتي كانت مبادئها: الحرية والإخاء والمساواة. أحد الصحفيين اعتقد في صدق الشعار ، وكتب مقالا يطالب فيه بإعادة توزيع الثروة باعتبار أن الثورة قامت على أكتاف الفقراء ، فكان جزاؤه .. الشنق. والمساواة هنا تعني مساواة البرجوازية للإقطاع , وليس مساواة كل الناس. وبالتالي فقد اعتاد الثوار حماية أنفسهم ، رافعين شعار أنه لا أخلاق في السياسة.

محيط: لكن كان هناك أبرياء تعرضوا للتعذيب على أيدي صلاح نصر وأشباهه؟

نعم حدث ذلك , لكن الساسة لا يفكرون بذلك غالبا، وسأقص عليك مثالا على أنه لا أخلاق في السياسة , فقد زار تشرشل رئيس الوزراء البريطاني النمسا ، ووقف على قبر رجل سياسي، فوجد الشاهد مكتوب عليه : هنا يرقد السياسي النزيه. فقال ساخرا: كيف يدفن اثنان في قبر واحدة. إما أن يكون سياسيا أو يكون نزيها.

مثال آخر: تخلص محمد على من المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة يوم الجمعة, أول مارس 1811. وهل يوجد مثلا من هو أعدل من سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ورغم ذلك مات مقتولا ، لأنك لن ترضي جميع الأطراف ، لكن الفارق هنا : كم هي النسبة؟ يمكنك أن تظلم شخص واحد لترضي 100 آخرين.

محيط: انتقد عبدالناصر بعد تأميم القناة الذي نشب إثره العدوان الثلاثي على مصر . كيف تقيم القرار؟

هذا الكلام لا يستند إلي دراسة تربط بين الأجزاء ؛ فضرب مصر عسكريا كان مخططا له منذ توقيعنا لصفقة الأسلحة الشهيرة في عام 1955 ؛ حيث خرقت هذه الصفقة التوازن بين مصر وإسرائيل , وهناك تقرير لمجلس القومي الأمريكي أعده فبراير 1956 ينصح الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربة للجيش المصري قبل أن يتدرب على السلاح الجديد , لكن الرئيس الأمريكي كان مشغولا بأزمة المجر وقتها.

والبعض يتهم عبدالناصر بأنه أمم القناة رغم أن عقدها كان سينتهي في 1968 وتستردها مصر بدون حروب , لكن من يقول ذلك واهم ؛ لأن من يقول بهذا يعتقد أن الغرب يفي بما يلتزم به , وهو شئ لم يتحقق, ولنضرب مثال حينما نصت اتفاقية 1936 بين مصر وبريطانيا على أنه يجوز بعد انتهاء مدة المعاهدة في 1946 الدخول في مفاوضات لمدة عشر سنوات أخرى . وفي عام 1950 تقدمت أمريكا إلي النحاس باشا بعرض لمساعدته على إخراج الانجليز من مصر مقابل الدخول في حلف الشرق الأوسط لمحاصرة الاتحاد السوفيتي. وبالفعل شمر النحاس عن ساعده وأعلن إلغاء معاهدة 36 .. وهللنا ساعتها ولم يقل أحد للنحاس: لماذا ألغيت المعاهدة وكانت ستنتهي في 1956؟!.

بعدها رفض النحاس العرض الأمريكي؛ فأصدرت الخارجية الأمريكية بيانا أعربت فيه عن أسفها من الموقف المصري إزاء العرض الأمريكي الكريم , وأكدت أن إلغاء معاهدة 36 غير قانوني , لأن المعاهدة اشترطت موافقة الطرفين. فهل كنا نعتقد أن بريطانيا ستغادر مصر عام 1956؟! وعندما قامت الثورة دخلنا في مفاوضات مع الانجليز وهذا يعني أن المعاهدة لم تُلغ، وانسحبت بريطانيا كما كان مقررا في 1956.

ما أريد قوله أن الشركة الفرنسية لم تكن ستنسحب من القناة في 1968, والدليل على ذلك أنها كانت تقوم بتعميق القناة لتستوعب حاويات وسفن أكبر.

محيط: هل كان عبدالناصر يتوقع العدوان الغربي؟

كان يعرف أن الحرب ستقع , لكن من فرنسا فقط باعتبار أن الشركة فرنسية , ولم يتخيل دخول بريطانيا وإسرائيل. وجزء من الحرب رفضه الدخول في حلف الدفاع عن الشرق الأوسط.

وقد حدثت مقاومة شديدة في القناة , وكان لدينا السلاح الجديد لكنا لم نأخذ الوقت الكافي للتدرب عليه. والموقف هنا سياسي ؛ وساعد عليه تدخل أمريكا التي طلبت من بريطانيا وفرنسا عدم اتخاذ إجراء ضد مصر لانشغالها بقضية المجر. وهذا ما جعل أمريكا تتدخل وتدين العدوان في مجلس الأمن، وكانت مصر في 56 معرضة للاحتلال مرة أخرى.

في الحلقة الثانية من الحوار .. السادات ورط ناصر في حرب اليمن.. وحرب أكتوبر كانت بالاتفاق بين السادات وأمريكا .. وناصر مات مقتولا !!

المصدر: محيط

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على عاصم الدسوقي لـ"محيط" : الإقطاع الملكي سخر المصريين .. وأي ثورة تقمع أعداءها

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
59661

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة