الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › د. قاسم عبده: الحملات الصليبية والصهيونية وجهان لعملة واحدة!

صورة الخبر: الحملات الصليبية
الحملات الصليبية

الحملات الصليبية المتتالية التي بلغ عددها سبع أو ثماني حملات عند بعض المؤرخين "بروفة" للحركة الصهيونية الحالية التي استفادات من تلك الحملات أيما استفادة، وهناك تاريخا يكاد يكون موحدا في سيرة الحركتين مما يؤكد البعد التاريخي والديني في مسألة الصراع على القدس.. بهذه المقارنة استهل أستاذ التاريخ الكاتب د. قاسم عبده قاسم محاضرته ضمن "منتدى القدس الثقافي الأول" بنقابة الصحفيين المصريين .

وقال قاسم : قد يبدو هناك نوعا من الغرابة في أن يحدث تحالفا بين المسيحيين واليهود الذين يعدون في العقيدة المسيحية مضطهدو المسيح ومن قدموه للرومان ليصلبوه حسب معتقداتهم، لكن إذا رفعنا هذا الغطاء الديني سنكتشف ثمة تشابها جوهريا في الأيديولوجية التي أفرزت الحركة الصليبية والأيدلوجية التي أفرزت الحركة الصهيونية.

ويوضح صاحب كتاب "ماهية الحروب الصليبية" أوجه التشابه بين الحملات الصليبيية والحركة الصهيونية الآن والتي تتلخص في أن الفكرة الأساسية التي قامت عليها الحملات الصليبية هي فكرة الأرض الموعودة وشعب الله المختار، وهي نفسها الفكرة التي تتمسح بها الحركة الصهيونية الآن، كما أن الذين شكلوا الجمهور الذي سكن في المستوطنات الصليبية جاءو من وراء البحار، من مسافة تبعد عدة آلاف من الكيلو مترات عن بلادنا ليستوطنوا ترابنا تحت سماء شرقنا، وأيضا جاء تحت لواء الحركة الصهيونية سكان من بلاد غريبة وبعيدة ليدعوا أنهم عادوا إلى أرض الميعاد.

بالإضافة إلى أن الظهير المساند على المستوي الاقتصادي والعسكري والسياسي لكل من الحركتين كان الغرب الأوروبي، وأصبحت الآن أمريكا بعد انتقال الأوربيين للسكن فيها، وهناك حقيقة مؤكدة لا يمكن لمرور القرون أن تخفيها تتلخص في أن وحدة العمل العربي والإسلامي هي التي حققت النصر على الحركة الصليبية وأنه لا بديل عن تلك الوحدة للإطاحة بالكيان الصهيوني من المنطقة.

الحملات الصليبية

يروي د.قاسم بشكل شيق قصة الحملات الصليبية المتدافعة على الشرق والتي بدأت بخطاب البابا "اوربان الثاني" بجنوب فرنسا لجموع من الفرنجة ليحثهم على إنقاذ القدس وقبر ابن الرب في فلسطين تلك البلاد التي "تفيض لبنا وعسلا" كما وصفها لهم .

وتحدث عن الأرض الموعودة وشعب الله المختار حيث كانت المسيحية الأولى تزعم أنها شعب الله المختار، وتدافعت الجموع من الفقراء والفلاحين والبؤساء للخروج في حملة صليبية إلى فلسطين دون ترتيب تحت قيادة بطرس الناسك، وكانت تلك هي الحملة الصليبية الأولى التي انتهت بهزيمة عسكرية كبيرة على أيدي العرب.
حينها لم يهتز جفن في أوروبا لمقتل هؤلاء بل سارع القساوسة بإدانتهم مؤكدين أن البابا "أوربان" كان يخاطب الفرسان وليس الرعاع، ومن ثم اجتمع الفرسان عام 1096 وتوجهوا نحو فلسطين في خمسة جيوش رئيسية، وتم هزيمة المسلمين ليس لأنهم أقل شجاعة أو تخلفا عن الصليبيين القادمين من الغرب أو لأنهم فرطوا في دينهم بل لأن الرؤوس السياسية التي كانت تحكمهم كانت مليئة بالأنانية السياسية والدفاع عن المصالح الشخصية الضيقة، فحينما نزل الصليبيون إلى المنطقة العربية سارعت بعض القوى إلى التعاون معهم وإلى عرض تقسيم المنطقة العربية فيما بينهم، وسارع بعض الذين يحكمون في بلاد الشام وفلسطين إلى تقديم المساعدات المادية إليهم مثلما حدث في عكا، وهي صورة مشابهة ومريرة لما يحدث الآن.

وفي يوم قائظ من شهر أغسطس عام 1099 سقطت القدس واستبيحت من قبل الصليبيين الذي كتب بعض القساوسة يقول أنهم كانوا يحرقون جثث " المسلمين الأشرار " ويبحثون بين رماد أجسادهم عن الذهب الذي كانوا يخفونه في أفواههم وبطونهم، ويعلق قاسم قائلا: هكذا كان يقول رجل دين متفاخرا بكلمات تفيض وحشية.

وبعد هذه الحملة أيقنت الجماهير العربية أن الجيوش الصليبية ليسوا مرتزقة في خدمة البيزنطيين بل أنهم جاءوا ليبقوا على أرضهم ، وفي هذا الوقت كانت أوروبا ترسل مددا بشريا دائما بصفتها الظهير المساند لهذا الكيان الاستيطاني في الشرق، يتقاطر هذا المدد أحيانا في أعداد قليلة، وأحيانا أخرى كانت تأتي حملات كبيرة مثل أمواج عاتية لتقديم الدعم للصليبيين، الذين جاءوا تحت رداء الصليب لكن الدين لم يكن باعثهم الأول، بل كان الداقع هو اقتسام ثروة التجارة العالمية مع المسلمين وتحويل المنطقة العربية إلى سوق لهم والدليل على ذلك أن كل المدن البحرية التي نزل بها الصليبيين مثل عكا وصور وصيدا وبيروت، كان بها منطقة تشبه المناطق الحرة الآن يتم بها تسويق منتجات المدن التجارية الإيطالية ثمنا لتعاون أساطيل هذه المدن في نقل القوات الصليبيية إلى الشرق.

صحوة عربية

في عام 1144 نجح نور الدين محمود في توحيد بلاد الشام بضم دمشق إلى دولته، لتأتي الحملة الصليبية المشهورة الثانية وعلى رأسها "كونراد" ملك المانيا و"لويس السابع" ملك فرنسا، وانتهت بهزيمة هذه الحملة.

وواصل نور الدين محمود مسيرته، وفي هذه الأثناء بزع نجم صلاح الدين الأيوبي الذي تعلم درسه السياسي الأول أنه لا يمكن الانتصار دون أن تكون مصر ركيزة العمل العربي الإسلامي المشترك، وأنه لا أمان لمصر في ظل وجود غربي على بوابتها الشرقية الشمالية.
ولهذا قضى صلاح الدين ضعف الوقت الذي حارب فيه الصليبيين في محاربة الحكام الخونة والمتفرقين وتوحيد صفوفهم، وبعد الاستعدادت حدث الانتصار في حطين ، وتم القضاء على الجيوش الصليبية، واسترداد القدس.

فزع الغرب الأوروبي من هذه الأنباء وأرسل الحملة الصليبية الثالثة بقيادة "فريديريك بارباروسا" الامبراطور الألماني المسن، و"فيليب أغسطس"ملك فرنسا، و"ريتشارد الاول" الملقب بـ"قلب الأسد" ملك انجلترا، جاءوا "لاسترداد" القدس من المسلمين أصحابها، والتي انتهت دون تغيير يذكرعلى أرض الواقع.

ومنذ هذه الحملة أدرك الفرنج أن حملاتهم القادمة يجب ألا تأتي على ضفاف الأردن بل تنزل على ضفاف النيل، وهذا يفسر لنا سر محاولات الغرب الدؤوبة لتكبيل مصر وتحييدها وإخراجها من الصراع.

نزلت الحملة الصليبية الرابعة على ضفاف البوسفور والدردنيل لتنهب عاصمة مسيحية هي القسطنطينية بوحشية بالغة نظرا لأنها مركز السوق العالمية ما بين أوروبا والشرق، ومركز للتبادل التجاري فكان لابد من الاستيلاء عليها، ولتؤكد – يواصل قاسم – أن الحملات الصليبية تتخذ من الدين غطاء لمصالحها فقط.

أما الحملة الخامسة فنزلت عند دمياط التي كانت أهم مدينة تجارية في شرق المتوسط، وتم حصارها لمدة 18 شهرا، وحين عرض السلطان الكامل الأيوبي المتخاذل على الصليبيين أن يأخذوا بيت المقدس ويتركوا دمياط أجابه المندوب الباباوي للحملة بأن دمياط اهم لنا والقدس ستسقط وحدها!.

وفي الحملة الصليبية السادسة الضعيفة التي بلغ عددها 300 فارس فقط، ولم ترق فيها نقطة دم واحدة، تنازل السلطان الكامل عن دماء الشهداء وضحى بجهود عمه صلاح الدين الأيوبي وسلم القدس لـ "فريديريك الثاني" وأقيمت المآتم في جميع أنحاء العالم الاسلامي ولم يستطع حتى أعتى المدافعين عن اسللطانالكامل ان يقولوا شيئا في هذه الفعلة.

ثم استرد السلطان الصالح نجم الدين أيوب بيت المقدس واستعد لآخر الحملات الصليبية على الشرق وهي الحمة السابعة التي نزلت على المنصورة وهزم بها الجيش الصليبي وأسر "لويس التاسع" في دار ابن لقمان، لتقوم دولة جديدة على رأسها ملوك محاربون ظلمهم التاريخ كثيرا وهم "المماليك".

توطين اليهود

لم تكف القوى الأوروبية عن التفكير بالاستيلاء مجددا على الأرض المقدسة، وحين لم يكن ممكنا القيام بحملت صليبية مسيحية مجددة، جاء المشروع الأوروبي ليفكر في الاستيلاء على الشرق وفي نفس الوقت تتخلص دول أوروبا من اليهود القابعون في أراضيها وكانوا يعتبرونهم أصل الشرور في العالم كله، ولذلك كانوا يعيشون في جيتو بناء على توصية البابا "جريجوري" الذي قال: ".. أن اليهود الذين اضطهدوا الرب لا يجب إدخالهم ديانة المحبة على أسنة الرماح، وإنما يجب أن يبقوا في وضع متدن من الناحية الاجتماعية دليلا على أن الرب قد انتصر" ولذلك عزلوا ونسبت لهم كل المصائب" .

ومن هنا – يواصل المؤرخ قاسم عبده قاسم - بدأت صياغة مشروع الدولة اليهودية الذي بدأ في عهد نابليون بونابرت وتم عرض توطين اليهود في سيناء على السلطان عبد الحميد ورفضه، ثم عرض المشروع على سلطات الاحتلال الانجليزي لتوطينهم عند منابع النيل ورفضوا أيضا.

ثم بدأت الفكرة تختمر مع مؤتمر بازل في سويسرا ومع اندماج اليهود في الحركة الرأسمالية العالمية وتحالفهم مع قوى الرأسماية في الحرب العالمية الأولى ثم الحرب العالمية الثانية كان هذا بمثابة صك لإقامة المشروع اليهودي، الذي سيحقق أطماع أوروبا في الشرق.

وعلينا أن نتذكر جيدا قول تيودور هرتزل "نبي الصهيونية" حين قال: "..لابد من إحداث أكبر ضجة ممكنة حول القضية اليهودية من خلال التاريخ لأن له مصداقية ذاتية، والفن لأنه يتسرب إلى الوجدان".

ومع ذلك فرغم جبروت العدو الصهيوني إلا أن السؤال الحالي مطروح حول مستقبل إسرائيل وليس مستقبل الفلسطينيين، لأن الجميع يعرف أنها أرضهم التي سيدافعون عنها إلى الأبد.

المصدر: محيط

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على د. قاسم عبده: الحملات الصليبية والصهيونية وجهان لعملة واحدة!

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
55488

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة