الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › تجليات دور المثقف في إرساء القيم الثقافية

صورة الخبر: غرامشي واضع مفهوم "المثقف العضوي"
غرامشي واضع مفهوم "المثقف العضوي"

العرب أونلاين- محمد الحنفي*: كثيرا ما يتداول المثقفون والدارسون وعموم المتعلمين وسائر الناس مفهوم المثقف على أساس مغلوط، و مجانب للفهم الصحيح، والعلمي وعلى أساس السيرورة التاريخية لمختلف التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية. فمنهم من يتعامل مع المثقف على أنه المتعلم الحامل لدرجة علمية- دراسية معينة.

ومنهم من يتعامل معه على أنه هو الذي يفهم ويعرف، ومنهم من ينظر إليه على أنه هو المنتج للفكر ... الخ. ونحن هنا سوف لا نركز على دلالات المفهوم حسب ما ذهب إليه الدارسون، لأن ذلك قائم فعلا في العديد من الدراسات التي تفرغ أصحابها لدراسة الموضوع دراسة علمية دقيقة. وهذه الدراسة، حتى وإن أعطت للمفهوم ما يجب من تمحيص، إلا أنها تبقى سجينة الواقع الأكاديمي، والعقلية الأكاديمية ورفوف المكتبات بدل أن تتحول إلى واقع ملموس يتطور، ويتحول بفعل الثقافة والمثقفين.

بل إن ما نذهب إليه ببساطة هو أن المثقف هو الذي امتلك القدرة على إنتاج وسائل إنتاج القيم الاجتماعية والإنسانية التي تلتصق بالحياة العامة، وبالحياة الفردية، فتعمل على تطويرهم على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية بما يتناسب مع التحولات الاقتصادية الاجتماعية نحو المرحلة الأرقى.

ومثقف هذه هويته لابد أن يسعى بثقافته إلى نشر قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماع والإنسانية.

ولبسط الموضوع وتوضيحه حسب الفهم الذي نذهب إليه سنتناول في هذه العجالة مفهوم المثقف، ومفهوم الطبقة، وعلاقة الطبقة بوسائل الإنتاج، وموقع المثقف من تلك الوسائل، ودور الطبقة، ودور المثقف، و علاقة الالتقاء والاختلاف بين التسلق و الانتحار في شخصية المثقف، وهلامية الفهم، وضرورة التحديد. حتى نصل إلى خلاصة تجعلنا نحدد من هو المثقف، حتى يتبين لنا: هل يشكل المثقفون طبقة أم لا؟ و حتى نضع التداول المغلوط عن المثقفين في مكانه الصحيح، ومن أجل أن لا يستمر الدارسون والمثقفون أنفسهم في ترويج المغالطات.

المثقف
فماذا نعني بالمثقف؟ وهل المثقف هو المتعلم؟ هل هو الحامل لشهادة علمية معينة؟ هل هو المنتج للمعرفة الأكاديمية؟ هل هو الموظف السامي؟ هل هو رجل السلطة؟ هل هو رجل الأعمال؟ هل هو الأديب أو الفنان أو المسرحي السينمائي؟

إننا عندما نقف على الحقيقة العلمية لهذه المفاهيم موضوع الأسئلة سوف نجد أنفسنا أمام حقيقة مهولة عندما نقوم بالتفريق بين المتعلم والمثقف، و بناء على ذلك فالمتعلم قد يكون مثقفا، وقد يكون غير مثقف، والمثقف قد يكون متعلما أو غير متعلم. و نفس الشيء نقوله بالنسبة لحاملي الشهادات العلمية مهما كانت درجتها كما نقوله في الموظفين مهما كان سلم ترتيبهم، وفي رجال السلطة مهما كانت مسؤوليتهم، وفي رجال الأعمال مهما كانت استثماراتهم. ونعتبر أن كل ذلك قد يخدم الثقافة من وجهة نظر معينة إذا كان هؤلاء مثقفون فعلا، وكون الإنسان من عامة الناس أو من الكادحين لا يمنع صيرورته مثقفا إذا كان منتجا للقيم الثقافية.
ونحن في وقوفنا على المنتسبين إلى الفئات الاجتماعية المختلفة سوف نجد أن الانتماء الاجتماعي لا يمنع من التصنيف:
أ- إما إلى الفئة المتمثلة للقيم الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والثقافية والمدنية و السياسية، وهم الغالبية العظمى من الناس.

ب- وإما إلى الفئة المنتجة للقيم المختلفة بوسيلة معينة، وهؤلاء غالبا ما يكونون قلة قليلة جدا من المجتمع، سواء تعلق الأمر بموظفي وسيلة الأدب، أو وسيلة الفنون، أو وسيلة السينما أو المسرح، أو الفكر، أو غيرها من الوسائل التي تعمل على إنتاج القيم، أو على إشاعتها بين البشر. وبناء على هذا التمييز والتحديد الذي نريده واضحا.

فهل يمكن القول بأن المثقف هو المنتج للقيم المساهمة في بلورة الشخصية الاجتماعية و الإنسانية المتناسبة مع السلوكية العامة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية و السياسية المتطورة، والسائدة في إطار تشكيلة اقتصادية اجتماعية معينة. والمساعدة على انتقال تلك التشكيلة إلى المرحلة الأرقى.

وبناء على هذا الفهم المحدد، والذي تبلور لدينا من خلال تعاطينا مع أشكال الفهم الأخرى التي قد يعتمدها هذا المثقف أو ذاك، أو يروج لها هذا المنبر أو ذاك. فإن المطلوب في المثقف أن يكون:
أ- خبيرا بالقيم الإيجابية و السلبية المتصارعة في المجال الاجتماعي محليا، ووطنيا، و قوميا وعالميا، حتى يستطيع تحديد القيم التي يستهدف إزالتها ونفيها من الواقع في أبعاده المختلفة. وما هي القيم التي يقبل على إنتاجها أو إشاعتها من أجل المساهمة في تقويم الشخصية الاجتماعية والإنسانية، والعمل على تطويرها من أجل جعلها مساهما في تطور وتطوير الواقع في مختلف مناحي الحياة.

ب- متتبعا للحركة الثقافية المحلية والوطنية، والقومية والعالمية من أجل إغناء خبرته، حتى تزداد صلابة أمام تحديات عناد الواقع الذي يبقى أسير الرؤى الجاهزة القائمة على استحضار سلطة العادات والتقاليد والأعراف.

ج- متشبعا بالقيم الناتجة عن استيعاب مضامين المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. والميثاق الدولي المتعلق بحقوق الطفل، وتوظيف تلك القيم من أجل العمل على إبداع قيم جديدة تتناسب مع ضرورة تحولات التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية في الاتجاه الأحسن في أفق تحقيق المرحلة الأعلى.

ه- مستفيدا من مختلف التجارب الثقافية في حياة الشعوب حتى يسترشد بالجوانب الإيجابية في إغناء الثقافة المحلية والوطنية والقومية والإنسانية بالمزيد من القيم التي تساعد على تطوير المجتمعات البشرية والعلاقات الإنسانية، وترسخ القيم النبيلة في السلوك الفردي والجماعي في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و المدنية والسياسية مما يجعله يحتل مكانة ممتازة في المجتمع الذي يعيش فيه، ولدى الطبقة التي يصنَّف فيها على المستوى الاجتماعي، وفي التنظيمات الحزبية و الجماهيرية التي ينتمي إليها.

فالمثقف، وبهذا المفهوم الذي عرضناه، إذا لم يكن خبيرا بالقيم الإيجابية والسلبية، و متتبعا للحركة الثقافية على المستويين الخاص والعام، ومتشبعا بالقيم الناتجة عن استيعاب المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق العامة، وبالحقوق الخاصة، ومستفيدا من تجارب الشعوب الثقافية المختلفة، لا يكون قادرا على المساهمة الفعالة في محاربة القيم الثقافية السلبية، وفي العمل على بناء منظومة القيم الثقافية الإيجابية، أي انه لا يستطيع بناء وعي ثقافي متقدم ومتطور، و يخدم عملية التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي و السياسي في الاتجاه الذي يخدم حركة التاريخ.

الطبقة
ماذا نعني بمفهوم الطبقة؟ وهل تتحدد على أساس اقتصادي؟ أم على أساس اجتماعي؟ أم على أساس ثقافي؟ أم على أساس سياسي؟ أم على أساس عرقي؟ أم على أساس لغوي؟ ...
إننا عندما نرجع إلى العديد من الكتابات القديمة سنجد أن العديد من الدارسين يستعملون كلمة طبقة استعمالا غير علمي كما نجد ذلك في العديد من العناوين التي تحملها العديد من الكتب مثل "طبقات فحول الشعراء" و"طبقات النحويين" وهكذا ... وهؤلاء الكتاب القدماء معذورون، لأن المعرفة العلمية الدقيقة كانت غائبة.

ولأن تحديد المصطلح لم تكن واردة أبدا عندهم. و لكن عندما يتعلق الأمر بالكتابات الحديثة/المعاصرة. فإن الكتاب لا يعذرون في عدم تحديد دلالة المصطلح الذي لا يكون إلا علميا، حتى وإن كان هذا الاستعمال حاصلا في المجال الثقافي، أو الفكري، أو الإعلامي، أو السياسي، لأن مشكلتنا القائمة في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي هي غياب الدقة في المصطلحات المستعملة ولأجل ذلك نجد أن الدقة تقتضي:
أ – تحديد التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المستهدفة بالتحديد الطبقي.

هل هي التشكيلة العبودية؟ وهل هي التشكيلة الإقطاعية؟ هل هي التشكيلة الرأسمالية؟ وهل هي التشكيلة الاشتراكية؟ حتى نتبين طبيعة العلاقة التي تحكم تحديد مفهوم الطبقة.

ب- تحديد طبيعة الإنتاج السائد، وهل هو الإنتاج العبودي؟ هل هو الإنتاج الإقطاعي؟ هل هو الإنتاج الرأسمالي؟ هل هو الإنتاج الاشتراكي؟ حتى نتعرف على الوسائل المعتمدة في الإنتاج.

ج- تحديد العلاقة بوسائل الإنتاج، وهل هي علاقات عبودية؟ هل هي علاقات إقطاعية ؟ هل هي علاقات رأسمالية؟ هل هي علاقات اشتراكية؟ لأن العلاقة بوسائل الإنتاج تلعب دورا أساسيا وحاسما في التحديد الطبقي الذي يعتبر دورا أساسيا في تحديد المفهوم تحديدا دقيقا.

وانطلاقا من مظاهر الاقتضاء هذه، فنحن عندما نقدم على تحديد التشكيلة الاجتماعية المستهدفة، وتحديد طبيعة الإنتاج في تلك، وتحديد العلاقة بوسائل الإنتاج، فإننا نجد أنفسنا مباشرة أمام مفهوم علاقات الإنتاج الناتجة مباشرة عن العلاقة بوسائل الإنتاج. هل هي علاقة بملكية تلك الوسائل؟ أم أنها علاقة بتشغيل تلك الوسائل؟ و بالتالي فالمالكون لوسائل الإنتاج ينتمون إلى الطبقة المستغلة "بكسر الغين" أما المشغلون لوسائل الإنتاج فينتمون إلى الطبقة التي يمارس عليها الاستغلال. وانطلاقا من العلاقة بوسائل الإنتاج تتشكل علاقات الإنتاج التي تميز كل تشكيلة اقتصادية اجتماعية.

ولذلك نجد أن الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج تجمعها مصالح مختلفة عن مصالح الطبقة المشغلة لوسائل الانتاج، وهذه المصالح هي التي تقف وراء تشكل إيديولوجية الطبقة التي تدفع في اتجاه تنظيم أوعى عناصر تلك الطبقة في حزب سياسي معين يقوم بتنظيم حركة تلك الطبقة في اتجاه الوصول للسلطة.

وبناء على ما سبق فالطبقة لا تكون إلا اجتماعية ولا تبنى إلا على أساس العلاقة بوسائل الإنتاج التي تنبني على أساسها المصالح الطبقية المعبر عنها بواسطة الإيديولوجية، والمتجسدة في المصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، والتي يتم على أساسها بناء تنظيم أو تنظيمات لقيادة حركة أفراد تلك الطبقة في أفق تحقيق تلك المصالح والنضال من اجل المحافظة عليها، والعمل على الوصول إلى السيطرة على أجهزة الدولة من أجل تحقيق تلك المصالح وحمايتها بقوة القانون.

وحسب هذا المفهوم الذي حددناه فإن كل تشكيلة اجتماعية لا يمكن أن تتشكل إلا من طبقتين رئيسيتين، طبقة المستغلين و طبقة المستغلين "بفتح الغين"، بحيث نجد أن التشكيلة العبودية تتكون من الأسياد والعبيد. و أن التشكيلة الإقطاعية تتكون من الإقطاع والاقنان. وأن التشكيلة الرأسمالية، تتكون من البورجوازيين والعمال.

وأن التشكيلة الاشتراكية تعمل على تذويب مختلف الطبقات الاجتماعية في أفق تحقيق المرحلة الأرقى. وما بين الطبقتين الرئيسيتين نجد الطبقة الوسطى التي قد تنحاز إلى الطبقة التي تمارس الاستغلال أو إلى الطبقة التي يمارس عليها الاستغلال. وهذه الطبقة غالبا ما تتشكل من شرائح البورجوازية الصغرى، ومن العاملين في المؤسسات الخدماتية التي تعمل على امتصاص جزء مهم من فائض القيمة.

وحسب هذا التحليل، فإن المثقفين لا يصدق عليهم مفهوم الطبقة إلا باعتبارهم يبيعون إنتاجهم الثقافي إلى المؤسسات الإعلامية وغيرها. فيصيرون بسبب ذلك جزءا من الطبقة الوسطى التي تعمل على امتصاص جزء مهم من فائض القيمة. وإلا فإن المثقف باعتباره منتجا للقيم قد يكون مصنفا في إطار الطبقة الممارسة للاستغلال، أو في إطار الطبقة التي يمارس عليها الاستغلال. وقد يكون جزءا من الطبقة الوسطى فيمارس التسلق الطبقي ويوظف ثقافته لأجل ذلك أو يمارس الانتحار الطبقي فيوظف ثقافته لأجل ذلك أيضا. أما أن يشكل المثقفون طبقة اجتماعية، فأمر غير وارد على المستوى العلمي.

دور الطبقة ودور المثقف
و إذا تبين لنا من خلال مناقشة مفهوم المثقف، ومفهوم الطبقة. فما هو الدور الذي تقوم به الطبقة ؟ وما هو الدور الذي يقوم به المثقف ؟

إن أي تشكيلة اقتصادية اجتماعية لابد أن تقوم على أساس سيادة الصراع الطبقي في أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والإيديولوجية والتنظيمية و الفكرية. وفي إطار هذه الأشكال من الصراع نجد أنفسنا أمام حرص كل طبقة من الطبقتين الرئيسيتين على تحقيق مصالحها وعلى حماية تلك المصالح.

وهذا الصراع الذي يتخلل نسيج المجتمع الطبقي هو الذي يكسب المجتمع حركة اقتصادية واجتماعية وثقافية و سياسية يتم التحكم فيها من قبل الطبقة المسيطرة على أجهزة الدولة التي توظفها لخدمة مصالحها المختلفة، وقمع الطبقات النقيضة التي تصارع بدورها من اجل تحقيق مصالحها وتسعى إلى السيطرة على أجهزة الدولة لتحقيق تلك المصالح وحمايتها، و قمع الطبقات النقيضة لتصير الحركة الاجتماعية في المجتمعات الطبقية حركة صراعية منتجة للوعي الطبقي الذي يعتبر خير محرك لذلك الصراع.

وإذا كان الصراع بين الطبقات ناتجا عن الدور الذي تقوم به كل طبقة من الطبقات المتصارعة، فإن دور المثقفين يتمثل في إنتاج القيم المذكية لذلك الصراع، لأنه بدون ذلك الدور تبقى الطبقة الممارسة للاستغلال غير واعية بمصالحها، وغير مدركة لدور توظيف الدولة لخدمة تلك المصالح وحمايتها، ولا كيف تمارس القمع على الطبقات التي يمارس عليها الاستغلال. فوعي الطبقات المستفيدة من الاستغلال قائم على الدور الذي يقوم به مثقفو تلك الطبقة على مستوى إنتاج القيم المناسبة لذلك، والمضللة للطبقة التي يمارس عليها الاستغلال.

وهؤلاء المثقفون يتلقون أتاوات كبيرة تتناسب مع الدور الذي يقومون به، وما يتلقونه يصنفهم إلى جانب تلك الطبقات التي تضع رهن إشارتهم كل الإمكانيات المادية و المعنوية، وكل الوسائل التي تمكنهم من إشاعة ثقافتهم في المجتمع من اجل جعل التضليل الإيديولوجي خير وسيلة لقمع الطبقات النقيضة، و خاصة الطبقة العاملة.

وفي مقابل الدور الذي يقوم به مثقفو الطبقة المستفيدة من الاستغلال نجد أن المثقفين المنتحرين يأخذون على عاتقهم نشر الثقافة النقيضة، والحاملة للوعي الطبقي للطبقات التي يمارس عليها الاستغلال وفي مقدمتها الطبقة العاملة التي تباشر عملية الإنتاج من خلال علاقتها بوسائل الإنتاج، والتي لا تتلقى من إنتاجها إلا جزءا يسيرا من الإنتاج يمثل الأجور التي تتسلمها، ليذهب فائض القيمة إلى الطبقة المالكة لتلك الوسائل.

و مثقفو الطبقات التي يمارس عليها الاستغلال المادي والمعنوي ينسلخون من الطبقات التي ينتمون إليها ليصبحوا جزءا من الطبقات المستغََلة حتى يستطيعوا تمكين الطبقة العاملة وحلفائها من سائر العاملين بأجر والفلاحين الفقراء والمعدمين من امتلاك وعيهم الطبقي الاقتصادي والإيديولوجي والاجتماعي والثقافي والسياسي، لأنه بدون امتلاك ذلك الوعي سيقبل المستغلون "بفتح الغين" كل أشكال الاستغلال على أنها جزء من الحياة التي يعيشونها، أو على أنها قدر من قوة غيبية معينة، ليختفي بذلك الصراع وبصفة نهائية من الواقع في تجلياته المختلفة.

ولذلك نجد أن هذه الفئة من المثقفين تتحمل مسؤولية كبيرة في جعل الطبقة العاملة وحلفاءها يمتلكون الوعي الطبقي الذي يتجسد في إدراك موقعها الطبقي في إطار علاقات الإنتاج الرأسمالية، أو الرأسمالية التبعية، أو الاستغلالية بصفة عامة. وهذا الإدراك هو البداية التي ينطلق منها المستغلون "بفتح الغين" لامتلاك الوعي الإيديولوجي و الوعي التنظيمي، والوعي الاجتماعي، والوعي الثقافي، والوعي السياسي الذي يعتبر ضروريا لقيام الطبقة العاملة و حلفائها بتنظيم نفسها من اجل خوض أشكال الصراع الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي والسياسي من خلال التنظيمات النقابية والجمعوية والحقوقية، ومن خلال حزب الطبقة العاملة من أجل تحسين أوضاعها المادية والمعنوية، و من أجل التمتع بالحقوق المختلفة، ومن أجل سيادة ثقافة تقدمية ومتطورة، ومن أجل الوصول إلى السلطة السياسية لفرض تحقيق مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية و السياسية.

وانطلاقا من ممارسة المثقفين في الاتجاهين نجد أن دور المثقفين قد يكون لصالح الطبقات المستفيدة من الاستغلال. وقد يكون لصالح الطبقات التي يمارس عليها الاستغلال، انطلاقا من مفهوم التسلق، ومن مفهوم الانتحار الطبقيين.

الصراعات في شخصية المثقف
وانطلاقا من هذا التصور عن الدور الذي يقوم به المثقفون، فما هي العلاقة بين التسلق والانحدار في شخصية المثقف؟

إن شخصية المثقف قابلة لكل الاحتمالات، فقد تكون هذه الشخصية انعزالية محكومة بالتفرد والانطواء، وقد تكون واضحة في موقفها الحيادي من الواقع خوفا من انحسارها في خانة معينة، وقد تكون شخصية متطلعة حاملة لأمراض البورجوازية الصغرى، وقد تكون حاملة لهموم الكادحين، و قد تكون شخصية متقلبة بين هذا أو ذاك، وهذه الجهة أو تلك، وقد لا تكون إلا ما تمليه اللحظة التي يعيشها المثقف.

إن شخصية المثقف يعتمد فيها كل شيء، ولكنها في نفس الوقت تتفاعل مع كل شيء. وهذا التفاعل هو الذي يحدد من أين للمثقف عناصر بلورة شخصيته؟ ومن أين له بالأسس التي يبني عليها تلك الشخصية؟ فهو يحتك ويتفاعل مع الإيديولوجيات المختلفة ومع الأفكار ذات التوجهات المختلفة، ومع العناصر البشرية المختلفة، ومع المواقف السياسية المختلفة.

وبناء على هذه العوامل المختلفة، فالعلاقة بين الجنوح إلى التسلق، والجنوح إلى الانحدار تجنح إلى الالتقاء، كما تجنح إلى الاختلاف. فالجنوح إلى الالتقاء يتمثل في:
أ- ماهية المثقف باعتباره منتجا للقيم المساهمة في بلورة الشخصية الفردية و الشخصية الاجتماعية بقطع النظر عن الجهة المستهدفة بتلك القيم.

ب- وسائل إنتاج القيم التي تبقى هي نفسها، سواء تعلق الأمر بتسلق المثقف أو انحداره. فهذا المثقف أديب، أو مسرحي، أو سينمائي، أو رسام، أو نحات، أو إعلامي، أو صحفي، أو كاتب مقالات... و هكذا.

ج- التميز الاجتماعي نظرا لكون الناس يتعاملون مع الثقافة كشيء غير ضروري. و نظرا للخلط الذي يقوم بين التثقيف والتعلم. ولكون المثقف يظهر في المجتمع وكأنه هو الذي يتحمل مسؤولية نشر القيم في المجتمع دون اعتبار لطبيعة القيم، وهل هي عامة، و هل هي خاصة بطبقة معينة. و حتى في إطار إنتاج القيم الخاصة بطبقة معينة. فإن المثقف يكون متميزا في إطار الطبقة التي ينتمي إليها، أو التي اختارها على المستوى الإيديولوجي والسياسي والتنظيمي.

أما الجنوح إلى الاختلاف فيتمثل في :
أ- كون المثقف لابد أن يكون مصنفا في طبقة معينة على المستويات الاقتصادية والثقافية والمدنية والإيديولوجية والسياسية، و قد يكون ملتحقا بطبقة أخرى غير طبقته عن طريق التسلق الطبقي أو عن طريق الانحدار الطبقي. و لذلك فالمثقف إما أن يكون منتجا للقيم المناسبة للطبقة التي ينتمي إليها في الأصل، وإما أن يكون منتجا للقيم المناسبة للطبقة التي تسلق إليها، أو التي انحدر إليها. فهذا المثقف إذا لم يكن مبدئيا، و ثابتا على المبادئ التي يقتنع بها، فإنه يتأرجح بين الطبقة الأصل، وبين الطبقة الفرع التي التحق بها متسلقا أو منحدراً.

ب- إن المثقف إذا كان مبدئيا، فإنه قد يكون مثاليا أو ماديا، والمثقف المثالي هو الذي ينتج قيمه الثقافية من القوة التي يعتمدها في اقتناعه، أو من الفكر الخرافي، أو الفكر المثالي بصفة عامة الذي يصير موجها له و متحكما في إنتاج القيم التي تصير بدورها مثالية ليجعل الناس ينخدعون بتلك القيم خدمة للطبقة الممارسة للاستغلال إذا كان ينتمي إليها، أو لخدمة الطبقة التي تتطلع إلى ممارسة الاستغلال كما هو الشأن للبورجوازية الصغرى التي قد يكون جزءا منها.

أما المثقف المادي، فهو الذي يقتنع باعتماد المنهج العلمي ذي المنطلقات المادية في القيام بالتحليل الملموس للواقع الملموس. وبالتالي، فهذا المثقف بممارسته المنهجية العلمية المادية، لا يخدم إلا مصلحة الطبقة العاملة و حلفائها إن كان يشكل جزءا منها أو انتحر إليها بعد اقتناعه بأيديولوجيتها.

وانطلاقا من المنهج العلمي المادي الذي يعتمده في قراءة الواقع، فإن القيم التي ينتجها لا تخدم إلا مصلحة الطبقة العاملة و حلفائها، تلك المصلحة التي تقف وراء امتلاك الطبقة العاملة و حلفائها للوعي الطبقي المنبعث من الواقع المادي و المعنوي الذي تعيشه.

وهذا الوعي هو الذي يحفزها على الانتظام في النقابات والجمعيات التي تقود نضالاتها في أفق تحسين أوضاعها المادية و المعنوية، أو على الانتظام في حزب الطبقة العاملة الذي يقود نضالاتها من اجل القضاء على كافة أشكال الاستغلال المادي والمعنوي و بناء الدولة الاشتراكية التي تعمل على تحويل الملكية الفردية إلى ملكية جماعية لوسائل الإنتاج ...

ولذلك فعلاقة الاختلاف في شخصية المثقف تتجسد إما في تسلقه في اتجاه الطبقة الممارسة للاستغلال المادي و المعنوي أو في انسلاخه في اتجاه الطبقة التي يمارس عليها الاستغلال. والمثقف في مثل هذه الحالة عليه أن يحسم، لأن الحسم هو الأساس. فالأساس شرط قيام أي بناء، ولكي يتسلق المثقف عليه أن يختار أساس التسلق، ولكي ينسلخ المثقف عليه أن يختار أساس الانسلاخ حتى يخطط لبناء منظومة القيم الثقافية التي يؤسس لها، و حينها يصير المثقف ثوريا كما ذهب إلى ذلك لينين قائد ثورة أكتوبر العظمى. أو يصير عضويا كما ذهب إلى ذلك المناضل الشيوعي الإيطالي غرامشي.

وقد يكون المثقف متأرجحا بين التسلق تارة، والانسلاخ تارة أخرى، فيفقد قدرته على اكتساب ثقة الجماهير الشعبية الكادحة بسبب عدم حسمه لصالح الانحياز إلى جانبها. كما يفقد ثقة الطبقات المستفيدة من الاستغلال المادي والمعنوي لنفس السبب. ومثقف من هذا النوع يتصنف مباشرة في الطبقة الوسطى الحاملة للكثير من الأمراض، وفي مقدمتها مرض التذبذب، الذي يجعل هذه الطبقة ناشرة للكثير من أمراضها في صفوف المجتمع بكل طبقاته بما في ذلك الطبقة المستفيدة من الاستغلال المادي والمعنوي.

والطبقة التي يمارس عليها الاستغلال. والغريب في الأمر أن مثقفي الطبقة العاملة وسائر الكادحين الذين يشرحون الطبقات المستفيدة من الاستغلال، ومثقفي الطبقات المستفيدة من الاستغلال الذين يبتدعون كافة أشكال تضليل الطبقة العاملة و سائر الكادحين، لتبقى الطبقة الوسطى غير حاضرة في ذهن المثقفين، مع أن ممارساتها الموبوءة و المريضة تقف أمام تطور المجتمعات البشرية، وتعرقل انتقالها إلى المرحلة الأعلى في خط تطور التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية، وتديم سلطة الاستغلال الهمجي للبشرية، و تتقمص الشعارات التي ترفعها الطبقة العاملة من اجل تضليل و ممارسة الضغط على الطبقات المستفيدة من الاستغلال.

وعدم تناول المثقفين المتذبذبين بالنقد والتشريح والنفي يجعل أمراض هذه الفئة من المثقفين مستمرة في السيادة، وفي جعل المجتمعات مستمرة في التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي حتى تنتعش هذه الطبقة، وحتى تستمر في الاستفادة من الشروط التي لا تخدم إلا الطبقات الممارسة للاستغلال.

نحو إعادة نظر لمفهوم المثقف
فهل يمكن أن تتم إعادة النظر في هلامية المفهوم السائد عن طبقة المثقفين؟ وهل يجنح المثقفون إلى تحديد مفهوم المثقف طلبا للوضوح. وتجنبا للتضليل ؟

إن المرض الثقافي الذي تصاب به الحياة الثقافية من قبل مثقفي البورجوازية الصغرى المطبوعة بالتردد، والتأرجح و الوسطية بين التسلق و الانتحار يقتضي التوقف و الدراسة والبحث من اجل الوقوف على الانعكاسات السلبية لهذا المرض على حياة الشعوب على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. لأن الانعكاس الإيجابي غير وارد في الأصل.

ومما يجب الوقوف عليه هو مرض "الهلامية" الذي يكرس عدم الوضوح في المصطلح المعتمد على المستوى الثقافي على الأقل. لأن الهلامية باعتبارها سمة مميزة للبورجوازية الصغرى تطبع الحياة الثقافية لهذه الشريحة–الطبقة التي تغطي على الممارسة الثقافية العامة وعلى الممارسة الثقافية الخاصة. مما يجعل دور التأثير الثقافي الإيجابي في حياة الناس غير وارد. وهو ما يعني أن تعاطي عامة الناس مع الثقافة والمثقفين صار من باب الكماليات، ومن باب ادعاء التميز، وتمثل الأمراض الثقافية نفسها.

ومصطلح "المثقف" من المصطلحات الأكثر إصابة بهذه الهلامية، الأكثر تحميلا للكثير من المفاهيم التي لا علاقة لها بالثقافة. فالمثقف هو المعلم، هو الطبيب، وهو المهندس، وهو الأستاذ الجامعي، وهو الصحفي وهو الإعلامي، بل هو كل من ولج المدرسة و تخرج منها، أو هو من ولج الجامعة وتخرج منها أو خرج، أو هو الذي حصل على إحدى الشهادات العليا.

مع العلم أن كل هؤلاء يصعب أن نعتبرهم مثقفين إذا لم يكونوا منتجين للقيم الثقافية. وقد يتسع هذا المفهوم ليشمل الأعضاء الحزبيين أو منتسبي الجمعيات، أو الأعضاء النقابيين. وهذا التوسع في المفهوم يعتبر اكبر جناية ترتكب في حق الثقافة والمثقفين حسب التحديد الحقيقي الذي حاولنا الوقوف عليه. لأن الأعضاء الحزبيين، أو منتسبي الجمعيات أو النقابيين إما أن يكونوا منتجين للقيم الإيجابية التي تساهم في تطور قيم الواقع، لا يكونوا كذلك، فعندئذ إنهم ليسوا مثقفين.

ولذلك كانت إعادة النظر في مفهوم المثقف مسألة ضرورية في عصرنا هذا الذي تطور فيه كل شيء. إلا أن نقدم للناس ثقافة منتجة للقيم الإيجابية ذات الطابع العام الإنساني، وذات الطابع الخاص الطبقي، لأن حضور العمومية و الخصوصية شرط لقيام ثقافة حقيقية، و لوجود مثقف حقيقي، حتى لا تصير الثقافة عاملا من عوامل تمزيق الشعوب، و شرذمتها، مما يؤدي إلى إضعاف قدرتها على مواجهة متطلبات الحياة من جهة، وعلى مواجهة الاختراقات الخارجية من جهة أخرى.

وفي أفق إعادة النظر يجب أن نميز بين:
أ- المتعلم و المثقف. لأن المتعلم قد يكون منتجا للقيم، وقد لا يكون كذلك.
ب-المعلم والمثقف حتى لا تصير المهنة عنوان للثقافة، والمثقفين لأن المعلم قد يكون مخربا للقيم القائمة في الواقع، و المساهمة في تطوره و تطويره.

ج- الطبيب والمثقف، لأن الطبيب إنما يمارس مهنة الطب، وحتى وإذا كان هناك ما يدعو إلى نشر قيم معينة عن طريق مهنة الطب، فإنها لا تتجاوز الجانب الصحي، ما لم يكن الطبيب مهتما بالثقافة وممارسا لها.

د- الأستاذ الجامعي والمثقف، لأن مهمة الأستاذ الجامعي محدودة في المعرفة العلمية التي يقدمها لطلبته، أو يبيعها لهم كمطبوعات. وبالتالي فإن إمكانية إنتاج القيم الإيجابية من خلال علاقتهم بالطلبة تكاد تكون منعدمة ما لم يكن الأستاذ الجامعي ممارسا للثقافة، و منتجا للقيم الثقافية الإيجابية فعلا.

ه- الحزبي والمثقف، لأن الحزبي يلتزم بالبرامج الحزبية، وبإشاعة المواقف التي قد تكون مستجيبة لطموحات وتطلعات الجماهير الشعبية الكادحة. وقد تتعارض مع تلك الطموحات. مما يجعلها لا تنتج إلا القيم السلبية، أو غير منتجة أصلا لأي شكل من أشكال القيم، إلا إذا كان الحزبي مثقفا فعلا سواء كان منحازا إلى الطبقة المستفيدة من الاستغلال، أو اختار الانحياز إلى الكادحين.

و- النقابي والمثقف، لأن النقابي يلتزم بالضوابط النقابية وبالبرنامج النقابي، وإذا لم يكن مبدئيا فقد يكون منتجا للقيم النقابية السلبية. فيصير بذلك مخربا للثقافة، ومناهضا للمثقفين الحقيقيين ومعرقلا للتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني و السياسي للكادحين بممارسته للعمالة الطبقية ما لم يكن مثقفا فعلا، ومقتنعا بتوجه ثقافي يتناسب مع ممارسة التسلق إلى الأعلى، أو ممارسة التسلق إلى الأسفل.

والتمييز بين المهن أو بين المهام التي يمارسها البشر في اختياراتهم المختلفة، يعتبر مسألة ضرورية حتى تستطيع ممارسة التحديد في مفهوم المثقف، ومفهوم الثقافة، و حتى نتجاوز الخلط القائم في الواقع، ومن أجل بناء منظومة من المفاهيم الأخرى التي لها علاقة بالثقافة و المثقفين على أساس التحديد في المصطلح، وعلى أساس الممارسة المعرفية العلمية التي يجب أن تسود بين الناس في أي مجتمع.

خلاصة
وما يمكن استخلاصه مما سبق أن مفهوم المثقف يحتاج إلى التماس التدقيق حتى تتاح الفرصة أمام منتجي القيم الثقافية من الذين لا يحملون المؤهلات العلمية التي يمكن استغلالها لادعاء امتهان "الثقافة" التي لا يمكن اعتبارها ثقافة لكونها لا تساهم في إنتاج القيم الثقافية مهما كانت هذه القيم.

وأن مفهوم الطبقة يمارس عليه التضليل بكافة الوسائل حتى لا يسود الشعور الطبقي في الواقع، وحتى لا يعمل الكادحون انطلاقا من ذلك الشعور على إدراك مدى ما يمارس عليهم من استغلال مادي و معنوي.

وأن دور الطبقة له علاقة بنمط الإنتاج، وبوسائل الإنتاج و بالصراع بين الطبقات، و بتوظيف العلوم و التقنيات لصالح الصراع الطبقي السائد حتى تصير الجهة الموظفة لذلك أكثر استفادة من ذلك الصراع. وأن دور المثقف يتحدد في إنتاج القيم الإنسانية والطبقية التي توحد المجتمع من جهة، وتعمل على توحيد كل طبقة اجتماعية على حدة من جهة أخرى. وأن انحياز المثقف إلى جانب الكادحين يجعل ثقافته ذات فعالية معينة تؤهل الكادحين إلى لعب دور مهم في التاريخ الإنساني.

وأن علاقة الالتقاء والاختلاف بين الجنوح إلى التسلق الطبقي وبين الجنوح إلى الانحدار الطبقي في شخصية المثقف تبقى واردة، وأن على المثقف أن يحسم في انحيازه إلى طبقة معينة، وأن تردده بين الرغبة في التسلق والرغبة في الانتحار يعتبر مسألة مميزة للبورجوازية الصغرى التي ينتمي إليها عادة المثقفون بحكم تعودهم على امتصاص جزء من فائض القيمة لصالح الشرائح البورجوازية الصغرى.

وأن الخلط الذي يصيب مفهوم المثقف آت من الهلامية التي تصيب منظومة المفاهيم التي تفرض إعادة النظر فيها، حتى تصير قائمة على التحديد الذي يجعل الوضوح المفاهيمي سائدا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي و المدني والسياسي. لنتجنب بذلك التضليل الذي يصيب مختلف المفاهيم ومنها مفهوم المثقف وصولا إلى الوضوح في القيم الثقافية التي توجه المسلكيات الفردية و الجماعية، والإنسانية والطبقية في إطار التعدد الذي يخدم الوحدة الإنسانية و وحدة الشعب، ووحدة الجماعة، من اجل مجتمعات يمارس فيها الصراع الطبقي الذي يخدم تطورها نحو الأحسن، من اجل تحقيق قيم إنسانية نبيلة في اتجاه تحقيق الحرية و الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بفضل الوعي المتقدم والمتطور الذي يعمل المثقفون على بثه في المجتمعات البشرية المفتقرة إلى ذلك الوعي.

فهل تتم إعادة النظر في مفهوم المثقف من أجل ذلك ؟

المصدر: العرب أونلاين

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على تجليات دور المثقف في إرساء القيم الثقافية

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
5129

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة