ليلة عرس أولى
كأنما ليلة حداد أولى؟
*
- لم تعرف جسد المرأة!
- عرفت جسد أمي مريضةً، ثم محتضرةً.
*
... ألا يدمرني هذا الموت تماماً، يعني أنني حتماً سأعيش بولهٍ حتى الجنون، وأنّ الخوف من موتي الشخصي إذاً هو حاضر دوماً، جامد لا يريم.
*
الاثنين الثالثة بعد الظهر، عدت وحيداً للمرة الأولى الى الشقة. كيف سأكون قادراً على العيش هنا وحيداً تمام الوحدة. وجليّ في آن واحد أنّ ما من مكان آخر بتاتاً.
*
ما يدهش في هذه المدوّنات التي أكتبها، هو المحتوى المدمّر الذي يقع ضحية «حضور الروح».
*
أعلم الآن أن حدادي سيكون سديمياً.
*
هذه الليلة، حلمت بها للمرة الأولى. كانت ممددة ولكن عير مريضة بتاتاً، في قميص النوم الزهرية التي ابتاعتها من محل أونيبري...
*
نحو السادسة بعد الظهر: الشقة حارة، هادئة، مضاءة، نظيفة. هكذا أجعلها، بحزم وتفانٍ (هذا ما أتلذذ به بمرارة): بعد الآن وأبداً سأكون أنا نفسي، أمي.
*
مصدوماً بالطبيعة «المجردة» للغياب، غير أن هذا يُحرق، يُمزق. من هنا أفهم التجريد فهماً أفضل: التجريد غياب وألم، ألم الغياب، أتراه الحب إذاً؟
*
يحل عليّ الضيق وأكاد أشعر بالذنب، لأنني في أحيان أظن أنّ حدادي يُختصر الى حال انفعال.
ولكن، ألم أكن طوال حياتي إلا هذا: منفعلاً.
*
يا لرهبة هذا النهار. تاعساً أكثر فأكثر. إنني أبكي.
حداد: منطقة شنيعة فيها لا يبقى لديّ من خوف.
*
خلال أشهر، كنت أمّها. وكأنّما فقدت ابنتي( هل من ألم أشدّ من هذا الألم؟ لم يخطر هذا في بالي).
*
أسأم في كل مكان.
*
كم يرعبني حقاً الطابع المتقطّع للحداد.
*
أن نتمكن من العيش من دون شخص كنّا نحبه، هل يعني أننا كنا نحبه أقلّ ممّا كنا نظن؟
*
برد، ليل، شتاء. إنني في الدفء ولكن وحيداً. أدرك أنّ عليّ اعتياد أن أكون ببساطة في هذه العزلة، أن أسعى فيها، أن أعمل، يرافقني، بل يلتصق بي «حضور الغياب».
*
ما يتعذر وصفه في حدادي يتأتّى من كوني لا أجعله هيستيرياً: ضيق متواصل، شخصي جداً.
*
لا رغبة لديّ في العزلة لكنّ بي حاجة إليها.
*
هذه الصبيحة فكرت بلا انقطاع بأمي. حزن غثياني. غثيان ما لا يُعوّض.
*
الشجن، مثل حجر... على عنقي،
في قرارة نفسي.
*
إذاً لأفقدِ الآن بعدما فقدت ذريعة حياتي - ذريعة أن أخاف على أحد ما.
*
حقيقة الحداد بسيطة تمام البساطة: الآن وقد ماتت ماما، بتّ وقفاً على الموت (لا شيء يفصلني عنه أكثر من الزمن).
*
لكل امرئ إيقاعه في الأسى.
*
لا أبتغي سوى أن أسكن كآبتي.
*
لا أبغي إلا أن أشرَع في أسفار لا يكون لديّ فيها وقت للقول: أريد أن أعود.
*
في الغرفة التي كانت تنام فيها مريضةً، والتي ماتت فيها، الغرفة التي أقطنها الآن، علّقتُُ على الجدار الذي كان يستند إليه مقدّم سريرها، أيقونةً - ليس عن إيمان- وهناك على طاولة أضع دوماً أزهاراً. وأقصد ألا أسافر ليتسنى لي أن أبقى هنا، فلا تذوي الأزهار البتة.
*
ما أطوله الوقت من دونها.
*
يقترب يوم ذكرى وفاة ماما. كم أخاف، أكثر فأكثر، كما لو أنها في اليوم هذا ستموت ثانية.
*
أقلّ فأقلّ أكتب كآبتي، لكنها في معنى ما تزداد بأساً، بعد انتقالها الى مرتبة الأبدي، منذ أن لم أعد أكتبها.
*
كلّ مرة أحلم بها (أنا لا إحلم إلا بها)، إنما لأراها، لأظن أنها حية، ولكن أخرى، منفصلة.
*
«انتحار»
كيف لي ألا أقاسي أبداً، لو أنني متّ؟
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!