الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › بروفايل| مصطفى محمود.. "الله لا يُعبد بالجهل"

صورة الخبر: مصطفى محمود
مصطفى محمود

"أهلا بيكم".. كلمتان مقتضبتان بنبرة هادئة لا تخطئها الأذن يبدأ برنامجه، بعد مقدمة موسيقية لناي حزين يغازل الوجدان، يطل بمنظاره الطبي المميز، خلفه عينان تشعان بنظرات واثقة ثابتة، جبهة عريضة ترى في نهايتها منابت شعره الأسود الفاحم، وملامح هي الأقرب لملامح أرض مصر، يرتدي بدلة مميزة في تفصيلها باختلاف ألوانها.

حينما تظهر الشارة المعروفة وعليها كلمتا "العلم والإيمان" يجلس أمام شاشة التليفزيون جمهوره من الأطفال قبل الكبار، فيصبح أشبه بـ"الحاوي" صاحب ألعاب الخفة في الحكايات الشعبية، وينجح أن يستحوذ على تركيزهم، فهو العالم المتصوف مصطفى محمود، الذي يقول عن نفسه "لم أكن في يوم من الأيام رجل دين، بل أنا فنان دخلت إلى رحاب الدين من باب الفضل الإلهي ومن باب الحب والاقتناع وليس من باب الأزهر، وكان حكمي حكم الشاعر الذي أحب الله فكتب فيه قصيدة وبنى له بيتا ولكنه ظل دائما الفنان بحكم الفطرة والطبيعة، ذلك الفنان الذي مملكته الخيال والوجدان".

لم يتجاوز الطفل الذي ولد عام 1921، عشرات الأعوام إلا وكان عقله ينشغل بما يدور حوله في الكون الواسع، حيث كان يجلس لساعات كثيرة أمام البحر ويردد قوله تعالى "وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى"، فلم يكن يعلم وقتها أن هذه الأية سوف ترسم مشواره ملامح مشواره في البحث الطويل عن أصل الحياة، بدأت علامات النبوغ في الظهور على الطفل عندما أنشأ معملاً صغيرًا يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الحشرات، ثم يقوم بتشريحها، ثم انفجر، فقرر أبوه تفكيكه، وعلى الجانب الآخر من حياته الدراسية كان متفوق بها، حتى ضربه مدرس اللغة العربية؛ فغضب وانقطع عن الدراسة ثلاث سنوات إلى أن انتقل هذا المدرس إلى مدرسة أخرى.

شكلت حلقات الذكر وابتهالات الصوفية والدراويش التى كان يحضرها فى طفولته بجوار السيد البدوي بعدًا آخر في شخصيته، كان يستعد للظهور بعد سنوات، ليأتي مرض والده ليرسم فصلا جديدا في حياة فيلسوف الأطباء، فبعد وفاته قرر محمود أن يلتحق بكلية الطب، ما ترتب عليه أن ينتقل من طنطا إلى القاهرة مع والدته.

"المشرحجي" اسم أطلقه عليه زملاؤه بالجامعة نظرًا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت، وتخرج الدكتور مصطفى في كلية الطب عام 1953 ليترك الطب كي يتفرغ لمشواره في البحث والكتابة عام 1960، فبالرغم من احترافه الطب، كان نابغًا في الأدب منذ أن كان طالبًا.

مر الدكتور مصطفى محمود برحلة روحانية فريدة بعد أن بدأت رحلة الشك تنمو بداخله حول الأديان وطبيعة الخالق، وصنعت منه التجربة مفكرًا دينيًا خلاقا، فقرأ عن البوذية والبراهمية والزرادشيتة، ومارس تصوف الهندوس القائم على وحدة الوجود، حيث الخالق هو المخلوق والرب هو الكون في حد ذاته وهو الطاقة الباطنة في جميع المخلوقات، فكتب خلال تلك الرحلة عدد كبير من الكتب الهامة منها، "حوار مع صديقي الملحد"، و"رحلتي من الشك إلى الإيمان"، و"التوراة"، و"لغز الموت"، و"لغز الحياة"، والتي تدور حول إدارك الحياة والبحث عن الحقيقة.

قال عنه الشاعر الراحل كامل الشناوي "إذا كان مصطفى محمود قد ألحد فهو يلحد على سجادة الصلاة، كان يتصور أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء، وعندما خاب ظنه مع العلم أخذ يبحث في الأديان بدءا بالديانات السماوية وانتهاء بالأديان الأرضية ولم يجد في النهاية سوى القرآن الكريم".
لم تقتصر كتابات الفيلسوف الطبيب على الكتابات الفلسفية والروحانية بل أمتدت لتشمل ما يقرب من 89 كتابا منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة، فضلا عن 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير "العلم والإيمان".

ظهر عدد من الأزمات في حياة مصطفى محمود بدأت بكتابه الشهير "الله والإنسان" قُدم بسببه إلى محاكمة بسبب اعتراض الأزهر عليه، وتم اتهامه بالكفر وقتها، لتتجدد الأزمة عام 2000 حول كتابه الذي تناول شفاعة النبي وهو ما يعرف على المستوى الإعلامي بـ"أزمة الشفاعة"، حيث سنت الأقلام ضده وهوجم بألسنة حادة، وصدر ما يقرب من 12 كتابا دينيا للرد عليه، وحولوه في خضم المعركة إلى ضال وخارج عن القطيع، كانت محنة شديدة أدت به إلى أن يعتزل الكتابة إلا قليلا، وينقطع عن الناس حتى أصابته جلطة عام 2003.

وفي تلك الفترة حتى عام 2009 أصيب مصطفى محمود بأعراض ألزهايمر وعاش وحيدًا، فقال عنه الكاتب سيد الحراني "لقد أصيب مصطفى محمود في نهاية حياته بأعراض ألزهايمر، نسي الحروف، ونسي الكتابة، إلى أن طوى الله معه أسرارًا كثيرة"، ليتوفى بعد رحلة علاج استمرت عدة أشهر عن عمر ناهز 88 عاما، ويترك لنا خلاصة تجربته الفكرية ورحلته الروحية، الذي ظل يبحث من خلالها عن الله ليرحل متيقنًا أن الله معه".

المصدر: الوطن

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على بروفايل| مصطفى محمود.. "الله لا يُعبد بالجهل"

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
78379

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة