
جابر ابن حيان
سيظل اسم جابر بن حيان مسطرا بحروف من نور فى سجل العلماء المسلمين، الذين أناروا للبشرية طريقها العلمى باكتشافاتهم، فهو واحد من أبرز العلماء المسلمين فى علم المعادن والكيمياء، حتى عرف بين أقرانه بأنه «أبو الكيمياء»، و«شيخ الكيميائيين المسلمين»، وترجمت بعض أعماله إلى اللاتينية، وانتشرت على نطاق واسع بين الكيميائيين الأوروبيين فى العصور الوسطى، ومن أشهرها كتاب «الرسائل السبعين»، الذى تضمن سبعين مقالا حول أهم تجاربه فى الكيمياء والنتائج التى توصل إليها، ويمكن اعتباره خلاصة ما وصل إليه العرب فى علم الكيمياء فى عصره.
ولد أبو عبدالله جابر بن حيان، فى سوريا سنة 721 م، ونشأ فى اليمن، ودرس القرآن والعلوم الأخرى، ثم عادت أسرته إلى الكوفة، وعمل صيدلانيا ومارس الطب فى بداية حياته تحت رعاية الوزير جعفر البرمكى أيام الخليفة العباسى هارون الرشيد، وتوفى فى سجن الكوفة عام 815 م.
بدأت الكيمياء خرافية فى عصره تستند على الأساطير البالية، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة، وذلك لأن العلماء فى الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية، كانوا يعتقدون أن المعادن المنطرقة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والقصدير من نوع واحد، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة الكامنة فيها، وهى أعراض متغيرة، نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة «النار والهواء والماء والتراب»، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهى الإكسير.
ومن هذا المنطلق تخيل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذى يزيل علل الحياة ويطيل العمر.
ومع هذا كان ابن حيان أول من مارس الكيمياء عمليًا، ومن أهم إسهاماته العلمية إدخال المنهج التجريبى في الكيمياء فأدخل عنصرى التجربة والمعمل، وأوصى بدقة البحث والاعتماد على التجربة، كما عرف القلويات وملح النشادر وماء الذهب، والبوتاس وحمضى النتريك والهيدروكلوريك، وتتجلى إسهاماته فى هذا الميدان فى تكرير المعادن وتحضير الفولاذ، وصبغ الأقمشة ودبغ الجلود وطلاء القماش المانع لتسرب الماء، واكتشف أيضا مادة «الصودا الكاوية».
تأثر بن حيان بكتابات الكيميائيين المصريين القدماء، والإغريق أمثال زوزيموس الأخميميوهرمس، وكتابات أفلاطون وأرسطو وجالينوس وفيثاغورث وسقراط، واشتهر بكتب «أسرار الكيمياء»، و«الخواص»، و«السموم ودفع مضارها»، الذى بحث فيه عن أسماء السموم وأنواعها وتأثيراتها المختلفة على الإنسان والحيوان، وبحث فى طرق علاجها، وقسم السموم إلى سموم حيوانية ونباتية وحجرية مثل الزئبق والزرنيخ، ويعتبر هذا الكتاب همزة وصل بين الطب والكيمياء.
وبلغ مجموع ما نسب إليه من مساهمات وكتب إلى ما يقرب من ثلاثة آلاف مخطوطة فى علوم الكونيات، والطب، والأحياء، والتقنيات الكيميائية، والهندسة، والموسيقى، والنحو، وما وراء الطبيعة، والمنطق، والفلك.
ومن أشهر ما برع فيه ابن حيان أنه أول من أدخل طريقة فصل الذهب عن الفضة بواسطة الأحماض حيث كان لديه معمل خاص به، وهى الطريقة السائدة إلى يومنا هذا، كما شرح بالتفصيل كيفية تحضير الزرنيخ، ووضع أول طريقة للتقطير فى العالم، التى لا تزال يعرف حتى الآن فى الغرب بإسم الأمبيق، بالإضافة إلى ذلك كان أول من استعمل الموازين الحساسة، والأوزان المتناهية فى الدقة فى تجاربه العلمية.
التعليقات على ابن حيان.. أبو الكيمياء ينير طريق الإنسانية بـ3 آلاف مخطوطة علمية
هذا الخبر لا يحتوي على تعليقات.
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!
أضف تعليق