الأخبار المصرية والعربية والعالمية واخبار الرياضة والفن والفنانين والاقتصاد من موقع الاخبار طريق الاخبار

أخبار الأدب والثقافةأدب وثقافة › "المِصريون" تفتح ملف تدهور الثقافة المصرية

صورة الخبر: "المِصريون" تفتح ملف تدهور الثقافة المصرية
"المِصريون" تفتح ملف تدهور الثقافة المصرية

تتقدم أمة من الأمم إلا من خلال مجموعة من العقول النابغة الواعية التى فهمت الواقع فَهمًا دقيقَا، فجالت بالخواطر شرقًا وغربًا، يسوقها سرًّا خفيًّا على إفهام البسطاء والعامة. إنه حب الرفعة والريادة فجالت الأنظار والأفهام؛ لتقف على إبداعات الآخرين من سكان المعمورة لتنهل ظامئة من رى الحضارات المختلفة، ثم تعود بعد ذلك بأنهار المعرفة التى تروى العقول التى أجدبها الجهل والتخلف، وليس ذلك فحسب، بل غاصت تلك العقول النابهة فى أعماق الماضى التليد؛ لتنفض عنه غبار الهجر، فتقلب صفحاته لتستلّ من بين سطوره كلمات من النور استطاع أصحابها أن يدوّنوها فى معاجم الخلد؛ لتكون مصدرًا لمن أراد المُضى فى دروب التقدم، ثم تصعد هذه العقول الحكيمة على سُلم المستقبل، فترى ما لا يراه سواها لترسم للأمة سبل الوصول إلى الصدارة والحفاظ عليها بالفكر المستنير .

وأصحاب هذه العقول فى بلادنا يسمون المثقفين والمبدعين، ولكن وبكل أسف، تخافَتَ دَورهم شيئَا فشيئًا حتى أصبحوا غُثاءً لا قيمة له، ولا نفع به، فمنهم مَن ارتمى بأحضان النظام ليصبح من أهل الحُظوة، ومنهم مَن طاف شرقَا وغربَا ليعود إلينا بأنتن وأخبث ما توصل إليه الشرق والغرب وغيرهم سَلَّ سيفه؛ ليحارب الله ورسوله بالطعن فى ثوابت الدين . أما المبدعون الحقيقيون فقد حاصرهم النظام الجاهل الذى ما كان يتمتع إلا بالانحطاط الفكرى والسياسى. ومن هنا أصبحت الساحة الثقافية خالية لكل مَن هبَّ ودبَّ، فاخترقت الثقافة المصرية من كل الثقافات الغريبة على بيئتنا وتصدَّر الفنانون ولاعبو الكرة وغيرهم المشهد وصاروا هم نجوم المجتمع والقدوة التى تقدَّم للشباب، فانهارت كثير من القيم والعادات المصرية الأصيلة؛ لذلك قررت "المصريون" أن تقتحم هذا المعترك والبحث عن أسباب تردِّى الأوضاع الثقافية فى مصر.

فى البداية يقول الدكتور جابر قميحة الشاعر وأستاذ الأدب العربى بجامعة عين شمس، نستطيع أن نقول بإيجاز أن الثقافة المصرية فى عهد مبارك كانت ثقافة الديكتاتورية، وفقد الهوية والظلم والاستبداد وحكم الفرد المطلق. والمثقف هو الذى كان يساير مبارك ومنطقه وأذنابه، ويساير الخط الذى رسمه لنفسه وفى عهده نال أدعياء الثقافة حظوظهم بما لا يتخيلونه، فوجدنا الفائزين بجوائز الدولة هم رعاع المثقفين وكبار المنافقين أمثال "سيد القمنى" الذى حصل على جائزة الدولة، وادَّعى أنه حاصل على شهادة الدكتوراة وهذا مخالف للواقع والحق والحقيقة.

وللتدليل أيضًا على تردى الأوضاع الثقافية فى عصر مبارك والكلام مازال لقميحة - أننى أعرف أساتذة جامعيين فى عهده من ذوى الحظوة لم يكن الواحد منهم يستطيع أن يكتب سطورًا مستقيمة فى المعنى أو المبنى، ويضيف: وكنا نأمل أن تتمخَّض الثورة عن جيل من المثقفين الذين يعلون فوق الشبهات المباركية، ولكن للأسف مازلنا نرى هؤلاء الأدعياء على الثقافة الذين مازالوا يجدون أماكنهم فى وسائل الإعلام، وخصوصًا الصحفَ والفضائيات، ولازالوا يخدعون المجتمع المصرى بما يقدمونه من وجبات ثقافية وفكرية خالية من الأهداف الحقيقية التى تبنى المجتمع بناءً ثقافيًّا سليمًا، وهذا خير دليل على أن المسئولين عن الثقافة والإعلام فى مصر لم يتغيروا بعد قيام الثورة.

وإن تغيرت الأسماء والوجوه قليلاً ولكن تبقى المضامين الثقافية ثابتة . فهؤلاء لا تهمهم مصلحة شعب بقدر ما تهمهم مصلحتهم الشخصية بالتملُّق والخضوع لأرباب السلطة ولازلت أذكر كلمات "ممتاز القط"، الذى كان يؤلّه مبارك، حيث قال يومًا: "سيدى الرئيس ! ، لمَن نلجأ إلا إليك، ولمَن نشكو إلا لك" ومثله إبراهيم نافع الذى أنفق على حمام قصره مليونى جنيه من أموال الدولة، ومثله أسامة سرايا والقائمون على روز اليوسف التى ما كانت توزّع إلا 150 نسخة فى العدد اليومى و200 نسخة فى العدد الأسبوعى تقريبًا، وذلك لعلم الشعب بتفاهتهم وغشهم وتدليسهم وغيرهم من الإعلاميين والمثقفين الذين تولوا دفة المعرفة فى مصر، وها نحن نجنى ما زرعوه فى عصر مبارك ويختتم د. قميحة كلامه قائلاً: حتى يستقيم النهج لا بد أن تكون عندنا ثقافة ثورية تتبنى المطالب الشعبية الحقيقية؛ لكى يتوازى الأمران "ثورة المطالب" و"ثورة الثقافة"؛ لأنه لم تقم ثورة فى العالم إلا وكانت لها ثقافتها الخاصة بها.

بينما يرى محمد السيد عيد الكاتب ونائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة أن الحالة الثقافية فى مصر لم تتغير بعد؛ لأن التغيير لا يكون من يوم وليلة، ويمكن لنا أن نقول هذه فترة انتقالية تحياها بلادنا وهذه الفترة الانتقالية قد بدأت قُبيل الثورة، ومهدت لها، فهناك كتابات كثيرة قبل الثورة، ومع بدايتها كانت تتنبأ بقرب حدوثها من خلال إعلان الرفض لكل الممارسات التى كان النظام البائد يمارسها، وهذا من خلال روايات وأعمال أدبية.

منها على سبيل المثال رواية أجنحة الفراشة للأديب محمد سلماوى وكتاب الشهاب للكاتب حامد أبو أحمد وغيرهم الكثير .
إذن المرحلة بدأت قبل الثورة ولا تزال ممتدة حتى الآن وأضاف عيد قائلاً وأظن أننا بعد أن تستقر الأمور يمكن أن نبدأ مرحلة جديدة من مراحل الإبداع تسمى بمرحلة الإبداع الثورى، تتمثل فيها ملامح جديدة لأدب يتناسب مع مجتمع ثورى حتى تتغير الأوضاع إلى الأفضل ويؤازر التغيير، ويقدم نماذج بشرية إيجابية لكى يحتذى بها المواطنون الذين يرغبون فى مستقبل أفضل، ومثل هذه المرحلة حدثت بعد ثورة 1919 وأيضًا بعد ثورة 1952 ونحن فى انتظارها الآن، ونرجو ألا تبتعد كثيرًا .

ويعقب عيد على مَن يتهم المثقفين بأنهم انضووا تحت مظلة النظام السابق حتى أصبح دورهم مهمَّشًا، قائلاً: يجب ألا نتهم مَن تعاملوا مع النظام السابق بأى صورة من الصور بأنهم باعوا قضية الثقافة المصرية؛ لأن النظام لم يكن استعماريًّا، بل كان نظامًا وطنيًّا مصريًّا، ومن ثم المعاملة معه ليست من باب الخيانة للشعب، طالما أن الكاتب لم يبِعْ موقفه لحساب النظام، وأما مَن حصد الجوائز فى عصر ذلك النظام، فيعتبر أن هذه الجوائز والنفقات التى كانت تُنفق عليها ليست من جيب النظام، بل هى من دافعى الضرائب، إذن هى أموال الشعب، ومن حق المثقف أن يستفيد منها طالما أُتيحت له الفرصة حتى يعبر عن رأيه، وينهى كلامه: أنا لا أُدين أى أحد استفاد من النظام السابق طالما كان رأيه مستقلاً ولم يخضع لأوامر النظام فى شىء.

أما الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية فيقول: إن الثقافة فى عصر مبارك قد تحولت إلى سياسة وحينما تدخل السياسة فى الثقافة تفسد الثقافة، وهذا ما حصل فى عصر الرئيس "المخلوع"، وإذا أردنا أن نقف على منابع الثقافة فسنجد أنها تتمثل فى الأدب المكتوب والسينما والمسرح و"الرقص" والفكاهة والمرح، وكل هذا فسد وأفسد، ولكن الشىء المدهش أن هناك جزءًا من الثقافة الحقيقية ظل مخنوقًا فى صدور حامِليه من شدة التردى، الذى انتشر فى ربوع مصر، وهذا كان له دور كبير فى تفجير ثورة يناير، ويضيف إبراهيم أن الذين فجَّروا الثورة مجموعة من الشباب المصرى الذين لم يتجاوز عددهم مليون شاب من مجموع المواطنين البالغين، والذى يقدَّر عددهم بخمسين مليونًا، وهذا المليون هو الذى مدَّ الخمسين مليونًا بالطاقة الهائلة التى استطاعت أن تطيح بالفساد وأهله . أما الوضع بعد الثورة فلا شك أنه متأثر بما كان قبل الثورة؛ لأن الجزء الفاسد فوق الأرض لازال يمارس دوره، ولكنه لم يتمكن ولن يتمكن من إخماد نار الثورة التى تأجَّجت فى صدور طالما اختنقت عقودًا . وختم إبراهيم كلامه قائلاً إن الذين جاءوا من بعد الثورة لم يكونوا من أسبابها، ولكنهم استطاعوا أن يركبوها فى إشارة منه إلى التيارات الإسلامية المختلفة الذين تصدروا المشهد السياسى فى مصر الآن.

من ناحيتها تقول فريدة الشوباشى الكاتبة الصحفية: نظام مبارك عمل بكل وسيلة امتلكها لإقصاء المثقفين الجادين الذين يستحقون التقدير والاحترام، فمصر منذ القدم معروفة بأنها منارة للعالم والعلم والثقافة، ولكن فى فترة مبارك لم نَرَ أحدًا على الساحة الثقافية، سواء أكان أديبًا أو فنانًا أو كاتبًا له قيمته الثقافية، بينما سطع نجم أنصاف المثقفين والمخربين لعقول المجتمع. ولكن الشعب المصرى الذكى لم يستسلم لهذه المهازل، فضاق بهذا الوضع المتردّى، وخرج بما يملكه من مواهب فذة أبهرت العالم كله، حتى استطاع أن يسقط مبارك، وأرى أن السبب الأول فى خروج الشعب المصرى بهذه الطريقة هى الأوضاع الاقتصادية المتدنية، فليس من المعقول أن نجد فى المجتمع مَن يأكل من القُمامة فى الوقت الذى يأتى الطعام الفاخر من الخارج إلى عصابة الحكم!، وذلك وغيره شكَّل الثقافة الثورية عند الكثير من أفراد المجتمع، وأكدت فريدة الشوباشى أن الثورة مستمرة ثقافيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا على الرغم من المحاولات التى تحاك فى الليل والنهار لإجهاضها؛ لأن الأسباب التى قامت من أجلها الثورة حتى الآن لم تتغير، ومن ثم لا مبرر لهدوء الشعب المصرى حتى يصل إلى غايته.

وترى الأديبة والكاتبة الصحفية هالة فهمى أن الوضع الثقافى فى مصر، سواء أكان قبل الثورة أو بعدها، ثابت لم يتغير، وبكل أسف فإن بعض المثقفين قاموا بالقفز؛ ليركبوا الأمواج مدَّعين أشياء لم يقتربوا من فعلها، قائلين إنهم كانوا المحركين للثورة، وأنهم هم الذين أشعلوا فتيلها، وذلك كله محض افتراء؛ لأنه من المعروف أن الثورة قامت على دماء الشهداء وأشلائهم. ومَن قاموا بالثورة ليسوا قارئين للأدب العربى، وإنما هم ثقافة الفيس بوك والتويتر، وهذا يؤكد أن تأثر هؤلاء الشباب بالأدب العربى ضعيف جدًّا، بل لست أبالغ إن قلت إنه تأثر لا يُذكر. وتقول هالة فهمى عن حال المبدع قبل الثورة إنه كان هناك بعض الكُتاب الذين يكتبون ويجاهدون بأقلامهم ضد النظام السابق، أما الغالبية فقد دخلوا الحظيرة التى أعدَّتها لهم وزارة الثقافة لتدجين المثقفين عن طريق طبع كتاب لواحد منهم أو رحلة لحضور مؤتمر أو بعض المغريات التى جعلتهم ينصرفون عن دورهم العظيم فى توعية وبناء العقل المصرى، وهذا بلا شك قد حبسهم داخل إطار من العزلة بعيدًا عن المجتمع، وأشارت إلى أن التخلف الثقافى الذى تعيشه مصر لم يكن من باب المصادفة، وإنما هذا التخلف يبدأ من رأس الهرم وحتى قاعدته، فمبارك كان قليل الثقافة حتى أنه كان إذا التقى أديبًا أو كاتبًا لم يكن يعيره أى اهتمام، وهذا اتضح حينما كان يذهب للقاء المثقفين والمبدعين، الذين ارتضَوْا لأنفسهم ذلك؛ لأنهم كانوا مؤمنين بتوجهات الحاكم الفاسدة، فصاروا جميعًا بين أصابعه كعرائس الماريونت. فكم كذبوا على الشعب فى وسائل الإعلام، ولا ننسى مواقفهم من الرؤساء العرب، وبخاصة القذافى، عندما قام بعضهم بزيارته، ثم عاد وهو يصفه بالرئيس المبدع والمثقف، فهذه المجموعة من الكُتاب غير المحترمين بكل أسف، يزعمون أنهم سبب قيام الثورة. وترى هالة فهمى أن حال المثقفين بعد الثورة كما هو؛ لأنهم يمارسون نفس الأسلوب مع السلطة القائمة، سواء أكان المجلس العسكرى أو التيارات الدينية المختلفة، وهذا دليل على أنهم مبدعون فى كيفية ركوب الأمواج!، فقد تسابقوا لتأليف الكتب التى تتحدث عن الثورة، وتفننوا فى إظهار أنفسهم كأبطال ثوريين، وكلنا يعلم أن الكتب التى تؤلَّف فى أعقاب الثورات مباشرة ليس لها أى قيمة، فمثلاً ثورة 1952 لم يؤلف عنها إلا بعد عشر سنوات.

وهاجمت هالة فهمى سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة، الذى أبدى رأيه فى هذه الكتب التى غطت الأرصفة بعد الثورة بقوله : ليس لهذه الكتب التى طُبعت أعقاب 25 يناير أى قيمة أدبية أو تاريخية؛ لأن سعد عبد الرحمن - كما تقول هالة - هو الذى طبع هذه الكتب على حساب الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو الذى ينتقد طباعتها الآن!؛ فهذا دليل على تخبط الثقافة المصرية. وختمت هالة فهمى حديثها بقولها : إن مصر تحتاج إلى ثورة ثقافية بعدما اتضح حال المثقف المصرى السلبى المتراجع، ومع ذلك أقول إن هناك كُتابًا محترمين قبل الثورة وبعدها رفضوا أن يبيعوا عقولهم وأقلامهم من أجل مكتسبات شخصية.

من جهة أخرى اعتبرت هالة البدرى الروائية ومدير تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون أن الثقافة المصرية قبل قيام الثورة كان لها نشاط مركزى، يعتمد على المهرجانات والمؤتمرات الدولية الكبرى، وذلك على حساب الأنشطة الأصلية التى تركز على الإنسان البسيط، وأكبر دليل على ذلك هو الفقر الذى عانته الثقافة الجماهيرية (قصور الثقافة)، من حيث الميزانية المخصصة لها، وتحويل بعض هذه القصور وخصوصًا فى قلب القاهرة إلى قصور للسياحة مثل قصر الغورية الذى كان يخدم منطقة الغورية التى يسكنها آلاف البشر الفقراء، فقد تحوَّل هذا القصر إلى مزار سياحى، وعلى الرغم من اكتمال بعض البِنى الإنسانية مثل الأوبرا ومشروع المُتحف المصرى وترميمات شارع المعز وبعض الأشياء هنا وهناك، إلا أن انهيار قصور الثقافة الممتدة عبر القرى المصرية وغلاء أسعار الكتب أدى إلى عدم وصول الثقافة إلى مستحقيها، وهذا لا ينفى بعض نقاط الضوء، مثل مشروع "القراءة للجميع"، وتضيف هالة البدرى قائلة إن من الأسباب التى أدت إلى الانهيار الثقافى تمزيق العلاقة بين وزارتى الثقافة والإعلام، والتى كانت سببًا فى عدم وصول كثير من أنشطة الثقافة الجماهيرية عبر وسائل الإعلام، وتنتقل بحديثها لما بعد الثورة قائلة: إن فى مصر انهيارًا كاملاً للثقافة المصرية تقريبًا، على الرغم من الجهود التى بذلها عماد أبو غازى للوصول لأفراد المجتمع المصرى فى المدن والقرى المختلفة، لكننا نرى جميع أفراد المجتمع مشغولين بالأحداث السياسية، والجميع يقول بلسان الحال: ليس هذا وقت الثقافة.

وترى هالة البدرى أن الانهيار الذى لحق بالثقافة المصرية ليس هو الوحيد، ولكن هناك الكثير من الأنشطة المجتمعية قد نالها ما نال الثقافة، على الرغم من إمكانية وزارة الثقافة للوصول للإنسان البسيط فى كل ربوع مصر من أجل المساعدة؛ حتى تتم عملية التغيير بجدية وسرعة، وأن تتم لصالح القوى التقدُّمية فى المجتمع، ويجب أن تكون هناك توعية بالدستور وأسس صياغته وتوعية بالعملية الانتخابية ودور الإنسان فى صناعة مستقبل بلاده، ويجب أن يُفعَّل دور وزارتى الثقافة والإعلام معًا للارتقاء بالعقل المصرى؛ لأنهما المنوطتان بذلك أولاً، وأن تقوم معًا بمساعدة أجهزة الدولة بالنهوض من هذه الكبوة التى انعكست على معظم شرائح المجتمع المصرى .

وتؤكد الشاعرة إيمان بكرى أن السؤال عن حال الثقافة المصرية مهم للغاية وتقول: ولكنى أعتقد أن الإجابة عليه ستكون صادمة وهذا من وجهة نظرى، فعلينا أولاً أن نتساءل أين الثقافة عمومًا؟، فقد توارت واضمحلت وجفت ينابيع الفكر والثقافة منذ التحام الثقافة بالسلطة وأتباعها، فرأينا مَن يتسوَّد المشهد الثقافى من أنصاف المبدعين والمتسلقين؛ رغبةً منهم فى الوصول إلى مكتسبات شخصية ومصالح متبادلة، وقد بدأ ذلك باصطفاء أسماء بعينها ومنحها الجوائز كصكوك العبور إلى واجهة الإعلام دون المرور بعقول وضمائر وذاكرة الثقافة الحقيقية، فقد أهملنا التجارب الجادة واستوقفنا تجارب هزيلة، فالثقافة ليست حالة فردية متعلقة بإبداع شخص هنا أو هناك، ولكنها حالة جماعية تنتقل فى أجواء صحية؛ لتصلح وتوقظ وتحلل وتفسر جميع الظواهر ولا تشارك فى تغييب وتضليل العقل الجمعى، وتقول إيمان بكرى إن العقل المصرى تعرض لاغتيال حقيقى، ولا تزال نفس الجريمة تُرتكب بدم بارد، وعلى مرأى من الجميع، فالثقافة تحتاج لثورة حقيقية، تبدأ من الجذور؛ لتنقى العقول وتحررها من الفكر الظلامى وتمهد الأجواء للثقافة المعرفية بمعناها الشامل، حتى نستطيع أن نقضى على الأمية الثقافية التى تدمر كل أمل فى الإصلاح والتغيير والنقد، وهذا لن يتأتى إلا بتوحيد الجهود وتحديد الهدف وتحرير العقل من الخوف والتبعية وإطلاق حرية الإبداع والحفاظ على الهوية الثقافية وإدماجها فى ثقافات العالم الجديد بآلياته الحديثة ولغته المستحدثة وانطلاقاته وخبراته، وإلا فنسير إلى الوراء . وأنهت إيمان بكرى كلامها قائلة إن الذين حصدوا الجوائز فى عصر مبارك لا وجود لهم الآن، وهذا أكبر دليل على أنهم نالوا الجوائز بغير وجه حق، فقد عشنا فى زمن رأينا فيه المصاحب لنجيب محفوظ صار أديبًا والمصاحب لأحمد زويل صار عالِمًا .

أما عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" فيعتبر أن عصر مبارك : كان مرتعًا للثقافات العفنة الرديئة التى ما تميزت إلا بالضعف، والسعى لتحقيق المصالح الشخصية وتقديمها على مصلحة الوطن وبكل اسف فإن أصحاب الأقلام الذين كتبوا وحاربوا الدين لا يزالون قائمين على أمر الثقافة فى مصر بعد الثورة؛ لذلك تحتاج الثقافة المصرية إلى مِساحة تاريخية وعقول تحتوى على ثقافة البناء دون العداء للإسلام وأهله . وأضاف عبد الماجد قائلاً: إن خير دليل على تردى الأوضاع الثقافية فى مصر هو ما نشهده يوميًّا من إضرابات واعتصامات فئوية وما يفعله البلطجية و"الفلول" لإرباك الدولة.

المصدر: المصر يون

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على "المِصريون" تفتح ملف تدهور الثقافة المصرية

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
67552

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

حمل تطبيق طريق الأخبار مجانا
إرسل إلى صديق
المزيد من أخبار الفن والثقافة من شبكة عرب نت 5
الأكثر إرسالا
الأكثر قراءة
أحدث أخبار الفن والثفاقة
روابط مميزة